أنواع الطعن في الآثار

والطعن في الآثار الذي يتهم صاحبه يُحصر بأنواع على سبيل الإجمال: النوع الأول: كراهة النصوص، يعني كراهة نص من النصوص أو بعض النصوص.

فهذا نوع من الطعن، فكثير من أهل الأهواء يكرهون إيراد النصوص التي تخالف أهواءهم حتى وإن كانت آيات، فالمعطّل للصفات أو المؤول للصفات لا يطيق سرد الآيات التي تثبت الصفات؛ لأنها تخالف مبدأه وما هو عليه، ولا يطيق الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات صفات الله عز وجل، ولذلك نجد أن الجهمية والمعتزلة وكثيراً من متكلمة الأشاعرة والماتريدية في كتبهم، وفي مقالاتهم، وفي مناظراتهم لا يوردون أحاديث الصفات إلا للطعن فيها، هذه قاعدة لا تتخلف، ومن شاء فليرجع إلى كتبهم، فإنهم يوردون أحاديث الصفات لردها أو لتأويلها والتشكيك فيها، وإذا أوردوها يوردونها مفردة ولا يسردون النصوص، أي أنهم يوردون ما يكفي لرد النص عندهم أو تأويله، وهذا نوع من الطعن في الآثار، بل هو من أعظم الطعن التي طُعنت به السنة؛ لأنه طعن ملبس.

وقد يوردونها ويقولون: الحشوية يقولون كذا، فيوردون الحديث الذي يزعمون أن من قال به فهو حشوي أو مشبّه، وهو من أحاديث الصفات.

وأحياناً يكون طعن الآثار بالرد المباشر كما تفعل الجهمية، أعني جهمية القرن الثاني الهجري، فلما جاء القرن الثالث ورأوا أن العامة وعموم أهل العلم تبصروا في هذا الأمر وأنهم لا يطيقون مذهب الجهمية صاروا يؤولون كما فعل بشر المريسي، حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره يقول: إنه كان يقول: لا داعي إلى أن نرد النصوص بل نوردها على وجه يتلاءم مع الأصول التي نحن عليها، وأورد النصوص في كتبه وأوّلها، أي أنه أوردها على سبيل الرد، لكنه رد غير مباشر، أما الرد المباشر فهو مذهب الجهمية الأوائل.

ولا يزال الرد المباشر للأحاديث هو منهج أهل الأهواء حتى عصرنا هذا، فهناك من يوردون أحاديث لا توافق أهواءهم على سبيل الرد، فمثلاً كثير من العقلانيين الآن يوردون النصوص الواردة في الدجال وأشراط الساعة وأخبار المهدي على سبيل التهكّم والسخرية.

هناك من يورد أحاديث تتعلق بالقضايا الغيبية مثل حديث لطم موسى لملك الموت، أوردها أحدهم على سبيل السخرية والتهكّم، ولم يكلف نفسه التثبت من السند هل هو صحيح أو غير صحيح، فهذا نوع من الطعن في الآثار يُتهم صاحبه على الدين.

كذلك التشكيك والتأويل ولمز الرواة، أو ذكر بعض ألفاظ الحديث على سبيل السخرية والرد، أو دعوى أن هذه النصوص متشابهة، فهذا أيضاً نوع من الطعن في الآثار؛ لأنه لا يمكن أن يكون ما أخبر الله به وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب متشابهاً على الناس في معانيه، نعم، قد تتشابه كيفياته، أما معانيه فهي حق، فهم يوردون النصوص بدعوى أنها متشابهة.

ومن الطعن في الآثار دعوى عدم حجيتها، مثل قولهم: بأن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015