يعني بالزنا، بأي لفظٍ كان مما يدل على الزنا.
قال ابن العربي: وظاهر القرآن يكفي لإيجاب اللعان بمجرد القذف من غير رؤية، فلتعولوا عليه، لا سيما وفي الحديث الصحيح: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فاذهب فأت بها)) ولم يكلفه ذكر الرؤية، وأجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف امرأته، ولو كانت الرؤية من شرط اللعان ما لاعن الأعمى، قاله أبو عمر -رضي الله عنهما- وقد ذكر ابن القصار عن مالك ..
وبعض النسخ ابن عمر
طالب: ابن عمر يا شيخ.
لا، هو أبو عمر بن عبد البر.
وقد ذكر ابن القصار عن مالك أن لعان الأعمى لا يصح إلا أن يقول: لمست فرجه في فرجها ..
يعني قياساً على قول المبصر: رأيتُ.
والحجة لمالك ومن اتبعه ما رواه أبو داود عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء هلال بن أمية -وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- فجاء من أرضه عشاءً، فوجد عند أهله رجلاً فرأى بعينه، وسمع بأذنه، فلم يهجه حتى أصبح، ثم غدا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاءً فوجدت عندهم رجلاً، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جاء به، واشتد عليه، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ} [(6) سورة النور] الآية .. وذكر الحديث، وهو نص على أن الملاعنة التي قضى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما كانت في الرؤية، فلا يجب أن يُتعدى ذلك، ومن قذف امرأته ولم يذكر رؤيةً حدّ؛ لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [(4) سورة النور].
كون الواقعة التي حدثت في عصره -عليه الصلاة والسلام- اللفظ فيها محدد لا يعني نفي سواه من الألفاظ التي تدل على المقصود، يعني ما ذُكر في القصة التي حصلت هذا مثال من الأمثلة، وإلا فالمقصود الرمي، إذا صرح بأنها زنت أو رماها بأنها زانية، المقصود أنه قذفها فلزمه الحد، كيف يدرأ عن نفسه الحد؟ يشهد أربع شهادات.