بلا شك، لا سيما وأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [(26) سورة النور] ويقول أيضاً: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [(26) سورة النور] فإثبات الخبث لأمهات المؤمنين تعريض للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: لو كان خصمك. . . . . . . . . أمهات المؤمنين. . . . . . . . .
على كل حال أصل القذف تبعاً لما يلحق الإنسان من العار، فكلما كان الإنسان عن العار أبعد كان الأمر أشد، وإذا قربت عن العار ودارت حوله التهم فقذف، لا شك أن عرضه مصون ولا بد من الإتيان بالشهود الأربعة وإلا لو اقتصر على ثلاثة لقذفوا، لكن مثل قذف هذا أسهل بكثير من قذف المحصن العفيف البريء، والله المستعان، من حيث الإثم لذا جاء في الحديث وهو ضعيف: ((قذف محصنة يحبط عبادة ستين سنة)) –نسأل الله العافية– فالأمر شديد ليس بالسهل، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، هذا في غير القذف فكيف به؟.
الثالثة عشرة: قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} [(4) سورة النور] الذي يفتقر إلى أربعة شهداء دون سائر الحقوق هو الزنا رحمةً بعباده وستراً لهم، وقد تقدم في سورة النساء.
الرابعة عشرة: من شرط أداء الشهود الشهادة عند مالك -رحمه الله-: أن يكون ذلك في مجلسٍ واحد، فإن افترقت لم تكن شهادة، وقال عبد الملك: تقبل شهادتهم مجتمعين ومفترقين، فرأى مالك أن اجتماعهم تعبد، وبه قال ابن الحسن، ورأى عبد الملك أن المقصود أداء الشهادة واجتماعها، وقد حصل وهو قول عثمان البتي وأبي ثور، واختاره ابن المنذر، لقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} وقوله: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء} [(13) سورة النور] ولم يذكر مفترقين ولا مجتمعين.
فإذا جاء بالأربعة مجتمعين صدق أنه جاء بأربعة شهداء، وإذا جاء بهم مفترقين صدق أنه جاء بأربعة شهداء، فالآية تحتمل هذا وهذا.
الخامسة عشرة: فإن تمت الشهادة إلا أنهم لم يعدلوا فكان الحسن البصري والشعبي يريان أن لا حد على الشهود ولا على المشهود.