وقوله: ففزع من في السماوات، ماضٍ وينفخ مستقبل، فيقال: كيف عطف ماضٍ على مستقبل، فزعم الفراء أن هذا محمول المعنى، لأن المعنى إذا نفخ في الصور ففزع إلا من شاء الله، نصبٌ على الاستثناء، وكلُ أتوه داخرين: قرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي ونافع وابن عامرٍ وابن كثير، {آتوه}: جعلوه فعلاً مستقبلا، وقرأ الأعمش ويحيى وحمزة وحفص عن عاصم: {وكل أتوه} مقصوراً على الفعل الماضي، وكذلك قرأه ابن مسعود. وعن قتادة: {وكل أتاه داخرين}، قال النحاس: وفي كتابي عن أبي إسحاق في القراءات، من قرأ: وكل {أتوه}، وحّده على لفظ: كل، ومن قرأ: {آتوه}: جمع على معناها، وهذا القول غلط قبيح؛ لأنه إذا قال: وكل أتوه، فلم يوحّد وإنما جمع، ولو وحّد لقال: أتاه، ولكن من قال: أتوه، جمع على المعنى وجاء به ماضيا؛ لأنه رده إلى {ففزع} ومن قرأ: وكل أتوه، حمله على المعنى أيضاً، وقال: {آتوه}: لأنها جملة منقطعة من الأول.
آتوه: يعني جائين إليهم، كل الناس، وكل من يبعث آتٍ إلى الله جل وعلا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا.
قال ابن نصر: قد حكي عن أبي إسحاق رحمه الله ما لم يقله، ونص أبي إسحاق: {وكل أتوه داخرين}، ويقرأ آتوه، فمن وحّد فلفظ (كل) ومن جمع فلمعناها، يريد ما أتى في القرآن.
أبو إسحاق، الزجاج، علق عليه، لعل أبي إسحاق الزجاج في معاني القرآن، لكن قال في كتابي القراءات.
طالب: مكتوب في ...
مكتوب في الأول في الصفحة التي قبلها في القرآت، على كل حال الذي يغلب على الظن أنه الزجاج.
يريد ما أتى في القرآن أو غيره من توحيد خبر (كل) فعلى اللفظ أو جمعٍ فعلى المعنى فلم يأخذ أبو جعفر ٍ هذا المعنى.
قال المهدوي: ومن قرأ: {وكل أتوه داخرين}، فهو فعل من الإتيان، وحمل على معنى (كل) دون لفظها، ومن قرأ: {كلٌُ آتوه داخرين}. فهو اسم الفاعل من أتى يدلك على ذلك قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [(95) سورة مريم]. ومن قرأ: {وكل آتاه}، حمله على لفظ (كل) دون معناها، وحمل (داخرين) على المعنى ومعناه: صاغرين، عن ابن عباسٍ وقتادة وقد مضى في النحل.
الجبال ومرورها: