وقيل: القول هو قوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} [(13) سورة السجدة]. فوقوع القول وجوب العقاب على هؤلاء، فإذا صاروا إلى حد لا تقبل توبتهم، ولا يولد لهم ولد مؤمن فحينئذٍ تقوم القيامة، ذكره القشيري ..
الحد الذي لا تقبل معه التوبة خروج أحد العلامات الثلاث: المسيح الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وبالنسبة لكل شخصٍ بعينه، في الغرغرة إذا عاين انتهى أمر التوبة.
وقول سادس: قالت حفصة بنت سيرين: سألت أبا العالية عن قول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [(82) سورة النمل]. فقال: أوحى الله إلى نوح إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وكأنما كان على وجهه غطاء فكشف، قال النحاس: وهذا من حسن الجواب؛ لأن الناس ممتحنون ومؤخرون؛ لأن فيهم مؤمنين وصالحين، ومن قد علم الله -عز وجل- أنه سيؤمن ويتوب، فلهذا أمهلوا وأمرنا بأخذ الجزية، فإذا زال هذا وجب القول عليهم، فصاروا كقوم نوحٍ حين قال الله تعالى: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} [(36) سورة هود].
علم الله -جل وعلا- أنه ليس ممن ينتسب لهذا الدين من يتوب ويرجع إلى الله -جل وعلا- ومن غيرهم ممن يحق له البقاء بدفع الجزية لا تؤخذ منه الجزية فأبطلت الأحكام.
قلت: وجميع الأقوال عند التأمل ترجع إلى معنىً واحد، والدليل عليه آخر الآية: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [(82) سورة النمل]. وقُرئ أن بفتح الهمزة وسيأتي، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض)) وقد مضى، واختلف في تعيين هذه الدابة وصفتها.
ما الفائدة من ذكر العلامة الثانية والثالثة إذا كانت واحدة منها إذا خرجت وظهرت لا ينفع نفساً إيمانها؟ فيعلق بالأولى منها، فما الفائدة من ذكر الثانية والثالثة؟