الفتح، فتح اللام التي هي في الأصل مكسورة، وعدل عنها إلى الفتح للتخفيف، لا شك أن الأصل هو الكسر؛ لأنه إذا توالى ساكنان، حُرك الأول منهما بالكسر، {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة]، قد يقول قائل: الفعل لا يجر، نقول: نعم، حرك بالكسر لئلا يجتمع ساكنان، طيب لماذا لم يحرك بالفتح أو لم يحرك بالرفع؟ هو محله الجزم، فإذا حرك بالرفع والمضارع يرفع إذا تجرد عن العوامل الناصبة والجازمة؟ قلنا: أنه مرفوعٌ أصلاً، وأن محله الرفع، وكذلك إذا حرك بالنصب ظن أنه منصوب؛ لدخول العامل الناصب عليه؛ لأن من شأن الناصب أن ينصب، والتجرد يرفع، والمضارع إنما يرفع إذا تجرد عن العوامل وينصب إذا دخل عليه ناصب، ويجزم إذا دخل عليه جازم، وحينئذٍ يلجأ إلى حركةٍ لا توجد في الحالات الثلاث، ليعرف أن هذا ليست حركة إعراب، الحركة التي عليه ليست حركة إعراب، وإنما هي حركة تخلص، فيلجأ إلى الكسر لهذا، وإلا فالأصل أن الفعل لا يجر.
وذكر الزمخشري في الكتاب: وقرئ {بل أأدرك} بهمزتين {آأدرك} بألف بينهما {بلى أأدرك} {أم تدارك} {أم أدرك} فهذه ثنتا عشرة قراءة.
ثم أخذ يعلل وجوه القراءات وقال: فإن قلت فما وجه قراءة {بل أأدرك} على الاستفهام؟ قلتُ: هو استفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم، وكذلك من قرأ: {أم أدرك} و {أم تدارك} لأنها أم التي بمعنى بل والهمزة، وأما من قرأ: {بلى أأدرك} على الاستفهام، فمعناه: بلى يشعرون متى يبعثون، ثم أنكر علمهم بكونها، وإذا أنكر علمهم بكونها لم يتحصل لهم شعور وقت كونها؛ لأن العلم بوقت الكائن تابع للعلم بكون الكائن {فِي الْآخِرَةِ} في شأن الآخرة، ومعناها {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا} أي في الدنيا {بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} [(66) سورة النمل]، أي بقلوبهم، واحدهم عمو، وقيل: عَمٍ، وأصله عميون، حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ولم يجز تحريكها لثقل الحركة فيها.
عمون: جمع مذكر سالم، جمعٌ عمٍ، واحدهم عمٍ، وأصله ناقص، مختوم بالياء، والناقص في حالة الرفع تحذف ياءه إذا لم يقترن بأل، جاء قاضٍ، فهو في محل الرفع محذوف الياء، ويجمع على قاضون، مثل عمون.