وفي الحديث: ((احذروا زلة العالم))، وقد قرأ هو مع الناس: {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [(14) سورة البقرة] ولو كان هذا بالواو في موضع رفع؛ لوجب حذف النون للإضافة، وقال الثعلبي: قال الفراء: غلط الشيخ -يعني الحسن- فقيل ذلك للنضر بن شميل فقال: إن جاز أن يحتج بقول رؤبة والعجاج وذويهما، جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه مع أنا نعلم أنهما لم يقرأ بذلك إلا وقد سمعا في ذلك شيئاً، وقال المؤرج: إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه.
شاط يشيط إذا احترق، وإن كان من شطن أي: بعد، فليس لقراءتهم وجه؛ لأن النون أصلية، وإن كان من شاط كان له وجه؛ لأن النون مع الياء أو الواو مزيدة.
وقال يونس بن حبيب: سمعت أعرابياً يقول: دخلنا بساتين من ورائها بساتون، فقلت: ما أشبه هذا بقراءة الحسن، قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [(213) سورة الشعراء] قيل: المعنى: قل لمن كفر هذا، وقيل: هو مخاطبة له -عليه السلام-، وإن كان لا يفعل هذا؛ لأنه معصوم مختار، ولكنه خوطب بهذا والمقصود غيره، ودل على هذا قوله: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [(214) سورة الشعراء] أي: لا يتّكلون على نسبهم وقرابتهم فيدعون ما يجب عليهم.
يعني مثل ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] وهو معصوم مما دون الشرك فكيف بالشرك؟ لكن المراد غيره.
قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [(214) سورة الشعراء] فيه مسألتان: