والسورة في اللغة اسم للمنزلة الشريفة، ولذلك سميت السورة من القرآن سورة، قال زهير:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذبُ
وقد مضى في مقدمة الكتاب القول فيها، وقرئ {سورة} بالرفع على ..
نسب البيت إلى زهير، والمعروف أنه للنابغة الذبياني.
وقرئ {سورة} بالرفع على أنها مبتدأ وخبرها {أَنزَلْنَاهَا}
في مقدمة الكتاب تطرق المؤلف -رحمه الله تعالى- إلى تعريف السورة والآية بعد تعريف القرآن.
وخبرها {أَنزَلْنَاهَا} قاله أبو عبيدة والأخفش، وقال الزجاج والفراء والمبرد: {سُورَةٌ} بالرفع؛ لأنها خبر الابتداء، لأنها نكرة لا يبتدئ بالنكرة في كل موضع، أي هذه سورة، ويحتمل أن يكون قوله: {سُورَةٌ} ابتداء وما بعدها صفة لها أخرجتها عن حد النكرة المحضة، فحسن الابتداء لذلك ..
لأنها نكرة موصوفة، نكرة موصوفة فهي مفيدة، والممنوع من الابتداء بالنكرة إذا لم تفد، أما إذا أفادت فإنه يجوز الابتداء بها.
ولا يجوز الابتداء بالنكرة ... ما لم تفد، كعند زيدٍ نمرة
ويكون الخبر في قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور]، وقرئ {سورةً} بالنصب على تقدير: أنزلنا سورة أنزلناها، وقال الشاعر:
والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا
أو تكون منصوبة بإضمار فعل أي: اتل سورة، وقال الفراء: هي حال من الهاء والألف، والحال من المكني يجوز أن يتقدم عليه ..
يعني سورةً على النصب حال، أنزلناها سورةً، فالفعل استوفى الفاعل والمفعول، وتكون (سورة) حال من الضمير، صاحبه الضمير، الذي هو الكناية، يسميه كناية هو، والحال من المكني -يعني من الضمير- يجوز أن يتقدم عليه، بخلاف الحال من الاسم الظاهر فإنه لا يجوز أن يتقدم عليه، وعلى كل حال المرجح عند سيبويه النصب من حيث العربية، وعند غيره الرفع، وهو الذي تسنده القراءة.
قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(2) سورة النور] فيه اثنان وعشرون مسألة ..