طالب: أليست السورة مكية؟ طيب كيف يفسرونها بمسيلمة وهو لم يأت بعد؟
{قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} أي ما نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة –يعنون مسيلمة- ومسيلمة لم يأتِ بعد، يعني هذا قبل مسيلمة؛ لأن السورة مكية، على كل حال هذا الاسم ينكرونه؛ لأنهم تصوروه على معنى تعدد الآلهة فالرحمن غير الرب -جل وعلا-، ولذا قال الله -جل وعلا-: {قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [(110) سورة الإسراء] وهذا من أسمائه الحسنى، ولجهلهم وكفرهم ما يستوعبون مثل هذه الأمور.
فعلى كلٍ كون المفسر وغيره أيضاً يقولون: أنهم يقولون: أنهم ما يعرفون إلا رحمان اليمامة، هذا قالوه فيما بعد حينما وجد مسيلمة الكذاب –لعنة الله وقاتله- لما وجد بعد السورة بأزمانٍ متطاولة قالوا: ما نعرف إلا رحمان اليمامة، فهم يشبهونه بالرب -جل وعلا-؛ مع أن جمعاً من أتباعه يعرفون كذبه، يعرفون أنه كذاب ويعترفون بذلك وينطقون به، ويقولون: كذاب اليمامة خير من صادق مضر، مع أن هذا كذاب وهذا صادق، لكنه التعصب المقيت، هذا شؤم التعصب يعمي القلب ويصمه فلا ينطق بحق –نسأل الله السلامة والعافية-. على كل حال هم ينكرون الاسم، الرحمن ينكرونه ولا يلزم أن يكون بهذه المناسبة يعني بقولهم: رحمان اليمامة.
{أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} هذه قراءة المدنيين والبصريين أي: لما تأمرنا أنت يا محمد، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي: (يأمرنا) بالياء يعنون الرحمن، كذا تأوله أبو عبيد، قال: ولو أقروا بأن الرحمن أمرهم ما كانوا كفاراً، فقال النحاس: وليس يجب أن يتأول عن الكوفيين في قراءتهم هذا التأويل البعيد، ولكن الأولى أن يكون التأويل لهم: أنسجد لما يأمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فتصح القراءة على هذا، وإن كانت الأولى أبين وأقرب تناولاً.
{وَزَادَهُمْ نُفُورًا} أي زادهم قول القائل لهم: اسجدوا للرحمن، نفوراً عن الدين، وكان سفيان الثوري يقول في هذه الآية: إلهي زادني لك خضوعاً ما زاد أعداك نفوراً.