ولم يروِ أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، فهذا الحديث نص في ورود النجاسة على الماء، وقد حكم -صلى الله عليه وسلم- بطهارته وطهوره، قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها قلت: أكثر ما يكون الماء فيها؟ قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة، قال أبو داود: وقَّدرتُ بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ فقال لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون فكان هذا دليلاً لنا على ما ذكرناه غير أن ابن العربي قال: إنها في وسط السبخة فماؤها يكون متغيراً من قرارها، والله أعلم.
بئر بضاعة يلقى فيها الحيّض –يعني الخرق التي تستعملها الحائض لمنع ما يخرج منها– ولحوم الكلام والنتن، والذي يلقي هذه الأشياء هي الرياح؛ لأنها في منخفضٍ من الأرض، ولا يظن بالصحابة أنهم يلقون فيها وقد نُهوا عن البراز في الموارد وغيرها، وإنما التي تلقيها الرياح.
طالب: أقول: الماء متجدد ليس راكداً؟
الماء إيش؟
طالب: بئر بضاعة الماء يتجدد أم أنه راكد؟
لا، يتجدد يتجدد، كل الآبار على هذا، لها نبع كل ما أخذ منها زادت.
الحادية عشرة: الماء الطاهر المطهر الذي يجوز به الوضوء وغسل النجاسات هو الماء القراح الصافي من ماء السماء والأنهار والبحار والعيون والآبار، وما عرفه الناس ماءً مطلقاً غير مضاف إلى شيء خالطه كما خلقه الله -عز وجل- صافياً، ولا يضره لون أرضه على ما بيَّناه وخالف في هذه الجملة أبو حنيفة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمر، فأما أبو حنيفة فأجاز الوضوء بالنبيذ في السفر، وجوز إزالة النجاسة بكل مائعٍ طاهر، فأما بالدهن والمرق فعنه رواية أنه لا يجوز إزالتها به إلا أن أصحابه يقولون: