وقال عمر بحضرة الصحابة لصاحب الحوض الذي سأله عمرو بن العاص: هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع وترد علينا، أخرجه مالك والدارقطني، ولم يفرق بين السباع، والكلب من جملتها، ولا حجة للمخالف في الأمر بإراقة ما ولغ فيه، وأن ذلك للنجاسة، وإنما أمر بإراقته؛ لأن النفس تعفه لا لنجاسته؛ لأن التنزه من الأقذار مندوب إليه، أو تغليظاً عليهم؛ لأنهم نهوا عن اقتنائها كما قاله ابن عمر والحسن، فلما لم ينتهوا عن ذلك غلظ عليهم في الماء لقلِّته عندهم في البادية حتى يشتد عليهم فيمتنعوا من اقتنائها، وأما الأمر بغسل الإناء فعبادة لا لنجاسته كما ذكرناه بدليلين: أحدهما: أن الغسل قد دخله العدد، الثاني: أنه جُعل للتراب فيه مدخل لقوله -عليه السلام-: ((وعفروه الثامنة بالتراب)) ولو كان للنجاسة لما كان للعدد ولا للتراب فيه مدخل كالبول، وقد جعل -صلى الله عليه وسلم- الهرَّ وما ولغ فيه طاهراً، والهر سبع لا خلاف في ذلك؛ لأنه يفترس ويأكل الميتة، فكذلك الكلب وما كان مثله من السباع؛ لأنه إذا جاء نص في أحدهما كان نصاً في الآخر؛ وهذا من أقوى أنواع القياس هذا لو لم يكن هناك دليل، وقد ذكرنا النص على طهارته فسقط قول المخالف، والحمد لله.
يستدلون على طهارته لأن كلب الصيد يأتي بالفريسة وقد نهشها بأسنانه ولم يؤمر بغسلها ولا بتتريبها، وهذا أشد من مجرد الولوغ، فغسل الإناء وإراقة الماء وتعفيره بالتراب كل هذا من باب التنفير من اقتنائه، هذا على رأيهم هم، والصواب أنه لنجاسته، والكلب نجس عند عامة أهل العلم خلافاً لمالك -رحمه الله-، هو نجس، والغسل إنما يكون لطهارة الحدث والخبث، ولا حدث حينئذٍ إذاً فيكون السبب هو الخبث، والخبث هو النجاسة، أما عدم الأمر بغسل ما يصيده الكلب فلأنه سوف يعرض على النار ويُغلى ويطبخ وتطهره خلافاً للإناء، وطبخ هذه الفريسة وغليها بالنار أشد من مجرد غسلها وتتريبها.
طالب:. . . . . . . . .
هو إن كان الماء قليل فهو يراق بلا شك، الماء القليل يراق، والكثير عند أهل العلم لا يؤثر فيه الولوغ كغيره من النجاسات ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه.