الخامسة: قال علماؤنا -رحمة الله عليهم-: ويُكره سؤر النصراني وسائر الكفار، والمدمن الخمر، وما أكل الجيف كالكلاب وغيرها، ومن توضأ بسؤرهم فلا شيء عليه حتى يستيقن النجاسة، قال البخاري: وتوضأ عمر -رضي الله عنه- من بيت نصرانية، ذكر سفيان عيينة قال: حدثونا عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما كنا بالشام أتيت عمر بن الخطاب بماء فتوضأ منه فقال: من أين جئت بهذا الماء؟ ما رأيت ماء عذباً ولا ماء سماءٍ أطيب منه، قال قلت: جئت به من بيت هذه العجوز النصرانية فلما توضأ أتاها فقال: أيتها العجوز أسلمي تسلمي بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق، قال: فكشفت عن رأسها فإذا مثل الثغامة فقالت: عجوز كبيرة، وإنما أموت الآن! فقال عمر -رضي الله عنه-: اللهم اشهد، خرجه الدارقطني حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم البوشنجي قال: حدثنا سفيان فذكره.
ورواه أيضاً عن الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- توضأ من بيت نصرانية أتاها فقال: أيتها العجوز أسلمي، وذكر الحديث بمثل ما تقدم.
لو أن الله -جل وعلا- كتب لها السعادة لأسلمت؛ لأن كونها تموت الآن أفضل أن تسلم، أفضل أن تسلم من أن تصرّ على كفرها – نسأل الله السلامة والعافية-.
السادسة: فأما الكلب إذا ولغ في الماء فقال مالك: يغسل الإناء سبعاً ولا يتوضأ منه وهو طاهر، وقال الثوري: يتوضأ بذلك الماء ويتيمم معه، وهو قول عبد الملك بن عبد العزيز ومحمد بن مسلمة، وقال أبو حنيفة: الكلب نجس ويغسل الإناء منه؛ لأنه نجس وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، وقد كان مالك يفرق بين ما يجوز اتخاذه من الكلاب وبين ما لا يجوز اتخاذه منها في غسل الإناء من ولوغه، وتحصيل مذهبه أنه طاهر عنده لا يُنجِّس ولوغه شيئاً ولغ فيه طعاماً لا غيره إلا أنه استحب هراقة ما ولغ فيه من الماء ليسارة مؤونته، وكلب البادية والحاضرة سواء، ويغسل الإناء منه على كل حال سبعاً تعبداً، هذا ما استقر عليه مذهبه عند المناظرين من أصحابه.