وقال عكرمة: هم قوم رسُّوا نبيهم في بئر حياً، دليله ما روى محمد بن كعب القرظي عمن حدثه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة عبد أسود وذلك أن الله تعالى بعث نبياً إلى قومه فلم يؤمن به إلا ذلك الأسود، فحفر أهل القرية بئراً وألقوا فيها نبيهم حياً، وأطبقوا عليه حجراً ضخماً، وكان العبد الأسود يحتطب على ظهره ويبيعه، ويأتيه بطعامه وشرابه فيعينه الله على رفع تلك الصخرة حتى يدليه إليه، فبينما هو يحتطب إذ نام فضرب الله على أذنه سبع سنين نائماً، ثم هبّّ من نومه فتمطى واتكأ على شقه الآخر، فضرب الله على أذنه سبع سنين، ثم هبَّ فاحتمل حزمة الحطب فباعها وأتى بطعامه وشرابه إلى البئر فلم يجده، وكان قومه قد أراهم الله تعالى آيةً فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه، ومات ذلك النبي)) قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن ذلك العبد الأسود لأول من يدخل الجنة)) وذكر هذا الخبر المهدي والثعلبي واللفظ للثعلبي.
طالب: قال: باطل أخذه الطبري عن ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي وهو حديثٍ واهٍ. . . . . . . . . لأن فيه غرابة ونكارة، انتهى كلامه، وهو باطل؛ لأن نبينا -عليه السلام- هو أول من يدخل الجنة.
على كل حال هذا من أخبار بني إسرائيل التي جاء شرعنا بخلافها، هذه من أخبار بني إسرائيل التي لا تصدق؛ لأن شرعنا جاء بخلافها.
وقال: هؤلاء آمنوا بنبيهم فلا يجوز أن يكونوا أصحاب الرس؛ لأن الله تعالى أخبر عن أصحاب الرس أنه دمرهم، إلا أن يدمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم، وقال الكلبي: أصحاب الرس قوم أرسل الله إليهم نبياً فأكلوه، وهم أول من عمل نساؤهم السحق، ذكره الماوردي وقيل: هم أصحاب الأخدود الذين حفروا الأخاديد وحرقوا فيها المؤمنين وسيأتي، وقيل: هم بقايا من قوم ثمود، وأن الرس البئر المذكورة في (الحج) في قوله: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ} [(45) سورة الحج] على ما تقدم.