تفسير القرطبي
تفسير (سورة الفرقان)
من آية (30 - 47)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:
قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [(30 - 31) سورة الفرقان]
قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ} يريد محمداً -صلى الله عليه وسلم- يشكوهم إلى الله تعالى، {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [(30) سورة الفرقان] أي قالوا: فيه غير الحق من أنه سحر وشعر، عن مجاهد والنخعي.
يعني قالوا فيه هجراً من القول، يعني مهجور، وقالوا فيه هجراً من القول، وزعموا أنه سحر أو شعر، وهذا القول ينبغي أن يهجر، ولم يكن الهجر بمعنى الترك الذي يفهم بادئ الأمر من هذا اللفظ وإن كان مقصوداً، الشكوى هذه حاصلة من الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا سيما عند من يقول أن هذه الشكوى تكون في الآخرة، أنه جاء من بعده -عليه الصلاة والسلام- من هجر القرآن من أمته ممن ينتسب إليه -عليه الصلاة والسلام- هجر كلام الله، هجر قراءته، هجر تلاوته، هجر التدبر، هجر العمل، والمعنى كله مقصود، كل ما يتناوله اللفظ مقصود.
وقيل: معنى {مَهْجُورًا} أي متروكاً فعزاه الله -تبارك وتعالى- وسلاه بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ} [(31) سورة الفرقان] أي كما جعلنا لك يا محمد عدواً من مشركي قومك وهو أبو جهل في قول ابن عباس، فكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من مشركي قومه فاصبر لأمري كما صبروا، فإني هاديك وناصرك على كل من ناواك، وقد قيل: إن قول الرسول: {يَا رَبِّ} إنما يقوله يوم القيامة: أي هجروا القرآن وهجروني وكذبوني، وقال أنس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من تعلم القرآن وعلق مصحفه لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول: يا رب العالمين إن عبدك هذا اتخذني مهجوراً فاقض بيني وبينه)) ذكره الثعلبي.
ضعيف؟