وروي عن الحسن أنه قال: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا} [(22) سورة الفرقان] وقف من قول المجرمين، فقال الله -عز وجل-: {مَّحْجُورًا} [(22) سورة الفرقان] عليهم أن يعانوا أو يجاروا فحجر الله ذلك عليهم يوم القيامة، والأول قول ابن عباس، وبه قال الفراء، قاله ابن الأنباري، وقرأ الحسن وأبو رجاء: (حُجراً) بضم الحاء، والناس على كسرها، وقيل: إن ذلك من قول الكافر قالوه لأنفسهم قاله قتادة فيما ذكر الماوردي، وقيل: هو قول الكفار للملائكة، وهي كلمة استعانة، وكانت معروفةً في الجاهلية، فكان إذا لقي الرجل من يخافه قال: حجراً محجوراً: أي حراماً عليك التعرض لي، وانتصابه على معنى: حجرت عليك أو حجر الله عليك كما تقول: سقياً ورعياً: أي إن المجرمين إذا رأوا الملائكة يلقونهم في النار قالوا: نعوذ بالله منكم، ذكره القشيري وحكى معناه المهدوي عن مجاهد.
وقيل: {حِجْرًا} من قول المجرمين و {مَّحْجُورًا} من قول الملائكة: أي قالوا للملائكة: نعوذ بالله منكم أن تتعرضوا لنا، فتقول الملائكة: {مَّحْجُورًا} أن تعاذوا من شر هذا اليوم قاله الحسن، قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} [(23) سورة الفرقان] هذا تنبيه على عظم قدر يوم القيامة، أي قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمون من عمل برٍ عند أنفسهم، يقال: قدم فلان إلى أمر كذا: أي قصده، وقال مجاهد: {قَدِمْنَا} [(23) سورة الفرقان] أي عمدنا، وقال الراجز:
وقدم الخوارج الضلال إلى ... عباد ربهم فقالوا إن دماءكم لنا حلالُ
وقيل: هو قدوم الملائكة أخبر به عن نفسه تعالى.
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [(23) سورة الفرقان] وذلك لتخلف الشرط - شرط القبول- وهو الإيمان، إذا تخلف الشرط ما نفع العمل، وقد يجازون عليه في دنياهم، لكن يومئذٍ –يوم القيامة- لا يجدون ثواباً لعملهم؛ لأنه هباء منثور –نسأل الله السلامة والعافية-.