وهكذا قال علماؤنا: لما كثر الباطل في الأسواق، وظهرت فيها المناكر كُره دخولها لأرباب الفضل، والمقتدى بهم في الدين؛ تنزيهاً لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها.
هذا مع عدم الإنكار، هذا إذا لم يمكن الإنكار، أما مع وجود الإنكار وتخفيف المنكرات فيتعين على بعض الناس أن يدخل لينكر وليغير المنكر، نعم وهذا فرض كفاية على الأمة، تغيير المنكر لا بد منه ((من رأى منكم منكراً فليغيره)) ولو هجرت هذه الأماكن وتركت للأشرار لاستفحل أمرها، وزاد شرها، ثم بعد ذلك لا يستطاع إنكارها، والله المستعان.
طالب: التجول في السوق بلبس البشت. . . . . . . . .؟
لا بد من الإنكار، إذا رؤي المنكر لا بد أن يغير باليد إن أمكن وإلا فباللسان، بعض الإخوان يقول: لو -وهذا مجرب- يعني لو أن الإنسان الذي هيأته حسنة، لحيته مثلاً وافية، ومنظره جميل شرعي، ثوبه قصير ولحيته وافية، ولباسه يعني مناسب، ولو لم يتكلم يغشى هذا الأماكن يحصل خير في مجرد مروره لا سيما في المحافل التي تُغلق بالأبواب كالمستوصفات وما أشبهها يعني مجرد دخوله ومروره بالسيب وخروجه يوجد رعب في قلوبهم، والذي عنده نية شر ينكف عنها، وإلا ففيها شر مستطير، هذه المستوصفات لا سيما الأهلية فيها شر، نسأل الله السلامة والعافية؛ لأنه يفسح لبعض الناس وهم ليسوا بأكفاء وليسوا على قدرٍ من الديانة ما يردعهم عن مزاولة بعض المنكرات، وتعرفون أن الأماكن التي يختلط فيها الرجال والنساء تزداد فيها الشرور –نسأل الله السلامة-.
فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان، ومحل جنوده، وأنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته، وتحرز من سوء عاقبته وبليته.
الخامسة: تشبيه النبي -صلى الله عليه وسلم- السوق بالمعركة تشبيه حسن، وذلك أن المعركة موضع القتال سمي بذلك؛ لتعارك الأبطال فيه، ومصارعه بعضهم بعضاً، فشبَّه السوق وفعل الشيطان بها، ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة، والتساهل في البيوع الفاسدة، والكذب والأيمان الكاذبة، واختلاط الأصوات وغير ذلك، بمعركة الحرب ومن يصرع فيها.