ثم قال بعد ذلك مبيناً: وليس عليكم حرج في أن تأكلوا من بيوتكم، فهذا معنى صحيح، وتفسير بين مفيد يعضده الشرع والعقل، ولا يحتاج في تفسير الآية إلى نقل، قلت: وإلى هذا أشار ابن عطية فقال: فظاهر الآية وأمر الشريعة يدل على أن الحرج عنهم مرفوع في كل ما يضطرهم إليه العذر، وتقتضي نيتهم فيه الإتيان بالأكل، ويقتضي العذر أن يقع منهم الأنقص، فالحرج مرفوع عنهم في هذا، فأما ما قال الناس في هذا الحرج هنا وهي:
الثانية: فقال ابن زيد: وهو الحرج في الغزو: أي لا حرج عليهم في تأخرهم، وقوله تعالى: {وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ} الآية معنى مقطوع من الأول. وقالت فرقة: الآية كلها في معنى المطاعم، قالت: وكانت العرب ومن بالمدينة قبل المبعث تتجنب الأكل مع أهل الأعذار، فبعضهم كان يفعل ذلك تقذراً؛ لجولان اليد من الأعمى، ولانبساط الجلسة من الأعرج، ولرائحة المريض وعلاته، وهي أخلاق جاهلية وكبر، فنزلت الآية مؤذنة، وبعضهم كان يفعل ذلك تحرجاً من غير أهل الأعذار، إذ هم مقصرون عن درجة الأصحاء في الأكل؛ لعدم الرؤية في الأعمى، وللعجز عن المزاحمة في الأعرج، ولضعف المريض، فنزلت الآية في إباحة الأكل معهم.