السادسة: قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} أي في الدخول من غير أن يستأذنوا، وإن كنتم متبذلين، {طَوَّافُونَ} بمعنى: هم طوافون، قال الفراء: كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم وأجاز الفراء نصب طوافين؛ لأنه نكرة والمضمر في {عَلَيْكُمْ} معرفة، ولا يجوز البصريون أن يكون حالاً من المضمرين اللذين في {عَلَيْكُمْ} وفي {بَعْضُكُمْ} لاختلاف العاملين، ولا يجوز مررت بزيد ونزلت على عمرو العاقلين على النعت لهما فمعنى {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} أي: يطوفون عليكم وتطوفون عليهم، ومنه الحديث في الهرة: ((إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات)) فمنع في الثلاث العورات من دخولهم علينا؛ لأن حقيقة العورة كل شيء لا مانع دونه، ومنه قوله: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [(13) سورة الأحزاب] أي سهلة للمدخل، فبيَّن العلة الموجبة للإذن وهي الخلوة في حال العورة، فتعين امتثاله، وتعذر نسخه.

لأن العلة قائمة، ما دامت العلة قائمةً فلا نسخ، إذا كانت العلة قائمة فلا نسخ.

ثم رفع الجناح بقوله: ..

يعني بعض الناس الآن يشاهد من بعض الناس أنهم إذا بنوا البيوت وجعلوا الأبواب من زجاج، بحيث يُرى من ورائها، فهل نقول أن هذا في حكم الستور لا في حكم الأبواب؟ أو نقول: هذه أبواب تغلق لا يمكن الولوج من ورائها، وكونهم يضعونها بهذه الطريقة لا شك أنه تفريط كغيره من أنواع التساهل، يعني يفترض أن هذا الشخص وضع باباً ثم استأذن الداخل ثم بعد ذلك النساء ما احتجبن عن الداخل، هذا تفريط من صاحب البيت وقل مثل هذا في الباب الذي يكشف ما وراءه، هذا تفريط ولا يؤخذ حكم الستور الذي لا تمنع من أراد الدخول؛ لأن هذه تمنع من أراد الدخول.

ثم رفع الجناح بقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي يطوف بعضكم على بعض. {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} الكاف في موضع نصب: أي يبين الله لكم آياته الدالة على متعبداته بياناً مثل ما يبيّن لكم هذه الأشياء، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015