قال ابن عطية: والظاهر أن تلك الأرجل الكثيرة ليست باطلاً بل هي محتاج إليها في تنقل الحيوان، وهي كلها تتحرك في تصرفه، وقال بعضهم: ليس في الكتاب ما يمنع من المشي على أكثر من أربع إذ لم يقل ليس منها ما يمشي على أكثر من أربع.
وقيل فيه إضمار: ومنهم من يمشي على أكثر من أربع، كما وقع في مصحف أبي، والله أعلم. و {دآبة}: تشمل من يعقل وما لا يعقل، فغلب من يعقل، لما اجتمع مع من لا يعقل؛ لأنه المخاطب والمتعبد، ولذلك قال: {فمنهم} وقال: {مَّن يَمْشِي} فأشار بالاختلاف إلى ثبوت الصانع أي: لولا أن للجميع صانعاً مختاراً لما اختلفوا، بل كانوا من جنسٍ واحد، وهو كقوله: {يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} [(4) سورة الرعد] يخلق ما يشاء إن الله على كل شيء مما يريد خلقه قدير ..
التقييد هذا لا قيمة له.
طالب: مما يريد خلقه؟
الشيخ: مما يريد خلقه، والقدرة مطلقة، لكن إذا كان المراد مجرد التصريح بما هو توضيح من غير إرادة للمفهوم فلا بأس، يعني جاء في حديث: آخر من يخرج من النار كما في صحيح مسلم، ((فإني على ما أشاء قدير)) في صحيح مسلم، فإني على ما أشاء قدير، فهذه اللفظة فلا مفهوم لها؛ لأننا إذا قلنا أنه لا يقدر على الشيء الذي لا يريده أو لا يشاؤه هذا مفهومها، أن الذي لا يشاؤه ولا يريده لا يقدر عليه، هذا المعنى باطل، والقيد لا مفهوم له.
طالب: الآية: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} [(29) سورة الشورى].
الشيخ: (إذا) ممكن تأويلها بمتى، متى شاء.
{لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [(46) سورة النور] تقدم بيانه في غير موضع، قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ} [(47) سورة النور] يعني المنافقين يقولون بألسنتهم: آمنا بالله وبالرسول من غير يقين ولا إخلاص، {وَأَطَعْنَا} [(47) سورة النور] أي ويقولون وكذبوا، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [(47) سورة النور].