نعم، لانقطاع وقت التكليف، بعد المعاينة وانكشاف الأمور، لا ينفع مثل هذا -نسأل الله العافية- والإيمان إذا لم يكن بالغيب ما نفع.

وقيل: تقلب على جمر جهنم، كقوله تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [(66) سورة الأحزاب] {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [(110) سورة الأنعام] في قول من جعل المعنى تقلبها على لهب النار، وقيل: تقلب بأن تلفحها النار مرة وتنضجها مرة، وقيل: إن تقلب القلوب وجيبها، وتقلب الأبصار النظر بها إلى نواحي الأهوال.

{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [(38) سورة النور] فذكر الجزاء على الحسنات، ولم يذكر الجزاء على السيئات، وإن كان يجازى عليها لأمرين: أحدهما: أنه ترغيب فاقتصر على ذكر الرغبة، والثاني: أنه في صفة قوم لا تكون منهم الكبائر، فكانت صغائرهم مغفورة. {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} يحتمل وجهين: أحدهما: ما يضاعفه من الحسنة بعشر أمثالها، والثاني: ما يتفضل به من غير جزاء ..

يعني إلى أكثر من ذلك، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وأهل العلم يقولون: قد خاب من فاقت آحاده عشراته، إذا كانت الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بواحدة فمن يهلك بعد هذا إلا من كتب الله له الشقاوة.

الثاني: ما يتفضل به من غير جزاء، {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي من غير أن يحاسبه على ما أعطاه، إذ لا نهاية لعطائه، وروي أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببناء مسجد قباء فحضر عبد الله بن رواحة فقال: يا رسول الله، قد أفلح من بنى المساجد، قال: ((نعم يا ابن رواحة)) قال: وصلى فيها قائماً وقاعداً، قال: ((نعم يا ابن رواحة)) قال: ولم يبت لله إلا ساجداً، قال: ((نعم يا ابن رواحة كف عن السجع، فما أعطي عبد شيئاً شراً من طلاقة في لسانه)) ذكره الماوردي ..

لا سيما إذا استعمله فيما لا يرضي الله -جل وعلا-، أما إذا استعمل هذه الطلاقة فيما يرضي الله والذب عن الدين وأهله يؤجر عليها، لذا جاء في الحديث الصحيح: ((إن من البيان لسحراً)) والسحر مذموم على كل حال، لكن هذا إن كان هذا البيان في نصر الحق فهو ممدوح، وإن كان في نصر الباطل فهو مذموم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015