وما لم يكن كذلك لم يجز؛ لأن الشعر في الغالب لا يخلو عن الفواحش والكذب والتزين بالباطل، ولو سلم من ذلك فأقل ما فيه اللغو والهذر، والمساجد منزهة عن ذلك؛ لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ} [(36) سورة النور] وقد يجوز إنشاده في المسجد، كقول القائل:

كفحل العدا بالفرد يضربه الندى ... تعلى الندى في متنه وتحدرا

وقول الآخر:

إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

فهذا النوع وإن لم يكن فيه حمد ولا ثناء يجوز؛ لأنه خال عن الفواحش والكذب ..

لكنه فخر، لا سيما البيت الأخير (إذا سقط السماء) هذا فخر ممنوع، على كل حال الشعر أنشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، أنشده حسان وعبد الله بن رواحة، فما كان بنصر الإسلام والذب عن الدين، وذم الكفار والكفر وما أشبه ذلك، وفي حكمه العلوم التي تنظم هذا كله لا بأس به، بل مطلوب.

وسيأتي ذكر الأشعار الجائزة وغيرها بما فيه كفاية في الشعراء -إن شاء الله تعالى-، وقد روى الدارقطني من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: ذكر الشعر عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((هو كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح)) ..

هذا ما يثبت، ماذا يقول؟

طالب: أخرجه الدارقطني من حديث عائشة، وفيه عبد العظيم بن حبيب متروك، ومن حديث عبد الله بن عمرو أخرجه البخاري. . . . . . . . . والدارقطني، وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم واهٍ، ومن حديث أبي هريرة أخرجه الدارقطني في إسناده ابن عياش وهو غير قوي، لكن حديث محسن بهذه الشواهد. والله أعلم.

والألباني قال -في الأدب المفرد-: صحيح لغيره، وهو في الصحيحة.

الشيخ: لفظه فيه إشكال، هو بكلام أهل العلم أشبه، معناه صحيح، المعنى ما فيه إشكال، لكن رفعه محل نظر.

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره في السنن.

قلت: وأصحاب الشافعي يأثرون هذا الكلام عن الشافعي، وأنه لم يتكلم به غيره، وكأنهم لن يقفوا على الأحاديث في ذلك، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015