وهو حجة لما روي عن علي، ويعتضد بما رواه أبو داود عن نبهان مكاتب أم سلمة قال: سمعت أم سلمة تقول: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)) وأخرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، إلا أنه يحتمل أن يكون خطاباً مع زوجاته أخذاً بالاحتياط والورع في حقهن، كما قال لسودة: ((احتجبي منه)) مع أنه قد حكم بأخوتها له، وبقوله لعائشة وحفصة: ((أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ )) يعني: ابن أم مكتوم، مع أنه قال لفاطمة بنت قيس: ((اعتدي عند ابن أم مكتوم)) وقد تقدم هذا المعنى.
تقدم هذا المعنى قريباً، قبل درس أو درسين أن المرأة مأمورة أن تحتجب عن الأعمى، وأضفنا فيما تقدم أن الحديث فيه ضعف، وأما أمره بالاعتداد عند أم مكتوم فلأنه رجل أعمى، فإذا احتاجت المرأة أن تسكن مثل ما ذكرنا سابقاً عند أسرة بدون خلوة ورب هذه الأسرة أعمى فهو أفضل من ما لو كان مبصراً، لأنه لا يراها، وإذا أرادت النظر إلى الرجل يستوي في ذلك الأعمى والمبصر، هذا من قبلها، لا يجوز للمرأة أن تنظر نظر شهوة إلى الرجال، لا المبصرين ولا العميان، وأما بالنسبة للرجل الأعمى، فلا شك أن الحاسة مفقودة عنده فهو خير من المبصرين في هذه المسألة بالنسبة للنساء.
الثامنة: أجمع العلماء على أن المكاتب إذا حَلّ عليه نجم من نجومه، أو نجمان أو نجومه كلها فوقف السيد عن مطالبته وتركه بحاله أن الكتابة لا تنفسخ ما داما على ذلك ثابتين.
التاسعة: قال مالك: ليس للعبد أن يعجز نفسه إذا كان له مال ظاهر، وإن لم يظهر له مال فذلك إليه، وقال الأوزاعي: لا يمكن من تعجيز نفسه إذا كان قوياًَ على الأداء ..
بل يلزم بما اشترط، إذا كان قادراً.
وقال الشافعي: له أن يعجِّز نفسه، علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم، فإذا قال: قد عجزت وأبطلت الكتابة فذلك إليه، وقال مالك: إذا عجز المكاتب فكل ما قبضه منه سيده قبل العجز حَلَّ له كان من كسبه أو من صدقة عليه، وأما ما أعين به على فكاك رقبته فلم يفِ ذلك بكتابته كان لكل من أعانه الرجوع بما أعطى أو تحلل منه المكاتب ..