واختلف الناس في معنى قوله: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ} فقيل: هو الأحمق الذي لا حاجة به إلى النساء، وقيل: الأبله، وقيل: الرجل يتبع القوم فيأكل معهم، ويرتفق بهم، وهو ضعيف، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن، وقيل: العنين، وقيل: الخصي، وقيل: المخنث، وقيل: الشيخ الكبير، والصبي الذي لم يدرك، وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء، وبهذه الصفة كان هيت المخنث عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سمع منه ما سمع من وصف محاسن المرأة: بادية بنت غيلان أمر بالاحتجاب منه، أخرج حديثه مسلم وأبو داود ومالك في الموطأ ..
لأنه أوصى بعض الناس أنه إذا فتح الله عليهم الطائف، فعليك بابنة غيلان، تقبل بأربع، وتدبر بثمان، يعني يصفها وصف دقيق، دال على أنه له نظر في النساء، المقصود: {غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ} الذين لا حاجة بهم إلى النساء، ولا يكفي في هذا أن يكون غير عاقل مع وجود الحاجة، بل الاحتجاب من غير العاقل كما قرر بعض أهل العلم أولى من الاحتجاب من العاقل؛ لأن غير العاقل الشهوة عنده والرغبة موجودة، ما الذي يردعه من تحقيق ما يريد؟ ما الذي يردعه إذا كان غير عاقل؟ غير عاقل لا يترتب عليه حد، ولا يترتب عليه شيء، ولا عقل له يردعه، ولا يستحي، فينبغي أن يحتاط له أكثر من غيره، يعني إذا كان له حاجة إلى النساء.
طالب: غير أولي الإربة يخلو بالمرأة؟
إذا تيقّنا أنه لا حاجة به إلى النساء مطلقاً فينظر إليها، وإذا خيفت الفتنة منه يمنع، وأما الخلوة فالأدلة الأخرى تدل على عدمه.
وغيرهم عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة، قال أبو عمر: ذكر عبد الملك بن حبيب عن حبيب كاتب مالك قال: قلت لمالك: إن سفيان زاد في حديث ابنة غيلان: أن مخنثاً يقال له: هيت، وليس في كتابك هيت؟ فقال مالك: صدق هو كذلك، وغربه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الحمى، وهو موضع من ذي الحليفة، ذات الشِّمال من مسجدها ..
يعني من جهة اليسار يقابلها اليمين، وأما الشَّمال يقابله الجنوب.