وفي هذه المسألة خلاف للفقهاء، فإن كانت الكافرة أمةً لمسلمةً جاز أن تنظر إلى سيدتها، وأما غيرها فلا؛ لانقطاع الولاية بين أهل الإسلام وأهل الكفر، ولما ذكرناه، والله أعلم.
الرابعة عشرة: قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} ظاهر الآية يشمل العبيد والإماء المسلمات والكتابيات، وهو قول جماعة من أهل العمل، وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- وقال ابن عباس: لا بأس أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته، وقال أشهب: سئل مالك أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي؟ فقال نعم: إذا كان مملوكاً لها أو لغيرها، وأما الحر فلا، وإن كان فحلاً كبيراً، وغداً تملكه لا هيئة له ولا منظر فلينظر إلى شعرها، قال أشهب: قال مالك: ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل المرحاض، قال الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [(3) سورة النساء].
ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل المرحاض، ما معنى المرحاض؟
طالب: المغتسل.
إيه أن تدخل المرحاض على الرجل، يعني محل الاغتسال، أو قضاء الحاجة، ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل، جارية الولد لا تدخل على أبيه المرحاض، ولا زوجة الولد؛ لأنها ليست من محارمه، ولذا قد يحتاج بعض الرجال أو بعض النساء إلى الخدمة لمرضٍ أو كبرٍ أو هرم، فكثير من الناس يتسامح، يتساهل في هذا الباب، فيجعل الولد نفسه يتولى خدمة أبيه، مع أن نظره إلى عورته لا يجوز، هذا الولد يريد أن يبرّ بأمه، ولا يريد أنها تتولى هذا الأمر، فيقوم مقامها، لا يجوز للرجل أن ينظر عورة الرجل، وقد يكلف زوجته بأن تخدم أباه هذه الخدمة التي لا يجوز أن يطلع عليها إلا الزوجة أو ما ملكت اليمين، وكل هذا تساهل غير مرضي.
فالحل في هذا أن تتولاه زوجته إن كانت تقدر على ذلك، وإلا بحث عن جارية تتولى سواء كانت أمة أو زوجة، والحلول موجودة -ولله الحمد-، لكن الناس يتساهلون.