وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجحفة، فدخوله جائز للرجال بالمآزر، وكذلك النساء للضرورة، كغسلهن من الحيض أو النفاس، أو مرض يلحقهن، والأولى بهن والأفضل لهن غسلهن إن أمكن ذلك في بيوتهن ..
كان الأمر غير متيسر عند من تقدم لأن البيوت صغيرة، وتوافر المياه ليس على الطريقة التي نعيشها، فكانوا يخرجون للوضوء، ويخرجون لقضاء الحاجة، ويخرجون للاغتسال، لكن -الحمد لله- الآن كل شيء متيسر، الإنسان بكل راحة، وبكل بساطة يغتسل فيه بيته، ولا يراه أحد البتة، ولا من أولاده، إذا كان المغتسل في داخل غرفة النوم، أو ما أشبه ذلك، هذه من النعم، كم كان آباؤنا وآباؤهم، ومن قبلهم يعانون من نقل المياه في أوقات الحر الشديد والبرد الشديد، ويعانون من الاستتار في الاغتسال؟ والله المستعان.
فقد روى أحمد بن منيع قال: حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن أم الدرداء أنه سمعها تقول: لقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد خرجت من الحمام فقال: ((من أين يا أم الدرداء؟ )) فقالت: من الحمام فقال: ((والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن -عز وجل-)) وخرج أبو بكر البزار عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((احذروا بيتاً يقال له: الحمام)) فقالوا: يا رسول الله ينقي الوسخ، قال: ((فاستتروا)) قال أبو محمد عبد الحق: هذا أصح إسناد حديث في هذا الباب، على أن الناس يرسلونه عن طاووس، وأما ما خرجه أبو داود في هذا من الحظر والإباحة، فلا يصح منه شيء لضعف الأسانيد، وكذلك ما خرجه الترمذي.
المدينة لا يوجد فيها حمامات والحجاز عموماً في زمنه -عليه الصلاة والسلام-، وهي موجودة في مصر والشام والآفاق، أما في بلاد الحجاز فلا يوجد فيها حمامات، ولذا يحكم كثير من أهل العلم على أن جميع ما ورد في الحمام مرفوعاً أنه ضعيف، نعم الصحابة رأوا الحمامات لما فتحت البلدان ودخلوها، المقصود أن مثل هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف.
ماذا يقول عندك؟