قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [(38) سورة الحج].

. . . . . . . . . جاء قوله حسب ما تقدم في الآية التي قبلها {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [(37) سورة الحج].

طالب:. . . . . . . . .

{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [(34) سورة الحج] الذين هم المحسنين، الذين سيأتي ذكرهم، يفسرهم بالأمرين أو بالوصفين؛ لأنهم اتصفوا بالإخبات وبالإحسان.

روي أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية إلى قوله: {كفور} فوعد فيها سبحانه بالمدافعة، ونهى أفصح نهي عن الخيانة والغدر، وقد مضى في (الأنفال) التشديد في الغدر وأنه: ((ينصب للغادر لواء عند استه بقدر غدرته يقال: هذه غدرة فلان)) وقيل: المعنى يدفع عن المؤمنين بأن يديم توفيقهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم فلا تقدر الكفار على إمالتهم عن دينهم، وإن جرى إكراه فيعصمهم حتى لا يرتدوا بقلوبهم، وقيل: يدفع عن المؤمنين بإعلائهم بالحجة، ثم قتل كافر مؤمناً نادر، وإن فيدفع الله عن ذلك المؤمن بأن قبضه إلى رحمته، وقرأ نافع: (يدافع) ولولا دفاع، وقرأ أبو عمرو وابن كثير: يدفع {وَلَوْلَا دَفْعُ} [(40) سورة الحج] وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: يدافع {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ} [(40) سورة الحج] ويدافع بمعنى يدفع مثل عاقبت اللص وعافاه الله، والمصدر دفعاً.

الأصل في هذا المبنى المفاعلة والمدافعة والمعاقبة تكون بين طرفين، الأصل في هذا البناء أن يكون بين طرفين، كالمبارزة والمخاصمة بين طرفين، لكن في مثل هذا يدافع فهو مدافعة، والمدافعة من طرفٍ من واحد لا إشكال، كالمسافرة إذا سافر فلان تكون بين طرفين، إذا قيل: عاقب فلان اللص معاقبة، تكون هذه المعاقبة بين طرفين، من طرفٍ واحد، فالأصل في هذا الوزن أن يكون بين طرفين، وخرج عنه ما خرج من الأزمنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015