اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرين كانا أو عبدين مؤمنين أو كافرين فاسقين أو عدلين، وبه قال الشافعي، ولا لعان بين الرجل وأمته، ولا بينه وبين أم ولده، وقيل: لا ينتفي ولد الأمة عنه إلا بيمين واحدة، بخلاف اللعان، وقد قيل: إنه إذا نفى ولد أم الولد لاعن، والأول تحصيل مذهب مالك وهو الصواب، وقال أبو حنيفة: لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين وذلك لأن اللعان عنده شهادة، وعندنا وعند الشافعي يمين، فكل من صحت يمينه صح قذفه ولعانه، واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلفين، وفي قوله: "وجد مع امرأته رجلاً" دليل على أن الملاعنة تجب على كل زوجين، لأنه لم يخص رجلاً من رجل، ولا امرأة من امرأة، ونزلت آية اللعان على هذا الجواب، فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] ولم يخص زوجاً من زوج، وإلى هذا ذهب مالك وأهل المدينة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وأيضاً فإن اللعان يوجب فسخ النكاح فأشبه الطلاق، فكل من يجوز طلاقه يجوز لعانه، واللعان أيمان لا شهادات، قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا} [(107) سورة المائدة] أي أيماننا، وقال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [(1) سورة المنافقون] ثم قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [(2) سورة المنافقون] وقال -عليه السلام-: ((لولا الأيمان لكان لي ولها شأن)).
لكن هل اللعان أيمان أو شهادة؟ لفظ الآيات، آيات اللعان تدل على أنه شهادة، {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [(6) سورة النور] {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} [(8) سورة النور] فسماها شهادة، وإذا قلنا: بأنها شهادة وشهادة العبد لا تجوز ولا تصح فلا يصح اللعان من العبد؛ لأنها شهادة، وإذا قلنا: أنها أيمان وهل يلزم تأكيد هذه الأيمان بلفظ الشهادة أو الشهادة بلفظ اليمين؟ إذا قلنا أنها شهادة؟ هل يلزم هذا؟ أو يكفي أن يشهد من دون يمين؟ أو يحلف من دون لفظ الشهادة؟ والله إنه رآها زنت، ثم تقول: والله إنها ما زنت، من غير أن تشهد.