يقول: "العبادات كلها لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب أو قبل شرط الوجوب، فيتفرع على ذلك مسائل" ذكر منها:
يقول: "ومنها: صيام التمتع والقران فإن سببه العمرة السابقة إلى الحج بأشهره فبالشروع في إحرام العمرة قد وجد السبب فيجوز الصيام بعده وإن كان وجوبه متأخراً عن ذلك" هذا ظاهر، يجوز أن يصوم الثلاثة الأيام إذا لم يجد الهدي، الثلاثة الأيام التي في الحج يصومها في السادس والسابع والثامن .. يقول: "فيجوز الصيام بعده وإن كان وجوبه متأخراً عنه، وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره" يعني يقول: بجوازه مثل الصيام بعد انعقاد السبب وهو الإحرام.
"وأما الهدي فقد التزمه أبو الخطاب في انتصاره، ولنا رواية: أنه يجوز ذبحه لمن دخل قبل العشر، لمشقة حفظه عليه إلى يوم النحر، وعلى المشهور لا يجوز في غير أيام العشر؛ لأن الشرع خصها بالذبح"
فلا يسلم الإجماع الذي نقله.
الثامنة: قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج] يقال: وجبت الشمس إذا سقطت، ووجب الحائط إذا سقط، قال قيس بن الخطيم:
أطاعت بنو عوف أميراً نهاهم ... عن السلم حتى كان أول واجب
وقال أوس بن حجر:
ألم تكسف الشمس والبدر ... والكواكب للجبل الواجب
فقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} يريد إذا سقطت على جنوبها ميتة، كنى عن الموت بالسقوط على الجنب كما كنى عن النحر والذبح بقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [(36) سورة الحج] والكنايات في أكثر المواضع أبلغ من التصريح، قال الشاعر:
فتركته جزر السباع ينشنه ... ما بين قلة رأسه والمعصم
وقال عنترة: وضربت قرني كبشها فتجدلا.
أي سقط مقتولاً إلى الجدالة وهي الأرض، ومثله كثير، والوجوب للجنب بعد النحر علامة نزف الدم وخروج الروح منها، وهو وقت الأكل أي وقت قرب الأكل؛ لأنها إنما تبتدأ بالسلخ وقطع شيء من الذبيحة ثم يطبخ، ولا تسلخ حتى تبرد؛ لأن ذلك من باب التعذيب، ولهذا قال عمر -رضي الله عنه-: "لا تعجلوا الأنفس أن تزهق".