{وأصحاب المشأمة} الشمال بأن يؤتى كل منهم كتابه بشماله، في مقابل أصاب الميمنة، {ما أصحاب المشأمة} ما أصحاب الميمنة تعظيم لشأنهم وما أصحاب المشأمة تحقير لشأنهم، وألئك تعظيم شأنهم بدخولهم الجنة، وهؤلاء تحقير شأنهم بدخولهم النار، - نسأل الله السلام والعافية – {والسابقون}، الآن الترتيب أحيانا يكون على سبيل التدلي، وأحيانا يكون عل سبيل الترقي، سبيل التدلي من الأسفل إلى الأعلى، من الأعلى إلى الأسفل هذا التدلي، والترقي من الأسفل إلى الأعلى، والذي عندنا بالنسبة للفظ الكلام المجمل، ما في ترتيب لأنه ذكر أصحاب الميمنة ثم أصحاب المشأمة ثم ذكر السابقين، يعني: لو كان على سبيل الترقي لذكر أصحاب المشأمة، ثم أصحاب الميمنة، ثم السابقين، ولو كان على سبيل التدلي لذكر السابقين، ثم أصحاب الميمنة، ثم أصحاب المشأمة، يعني: هناك لف ونشر، اللف حصل في أول الكلام {أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون} هذا لف، نشره فيما بعد؛ لأنه بدأ بشرح أحوال السابقين، ثم ثنى بشرح حال أصحاب اليمين، ثم ثلث بحال أصحاب الشمال، يعني: لو كان ترتيب النشر التفصيلي على نفس ترتيب الإجمال قلنا: لف ونشر مرتب، وإذ اختل الترتيب قال أهل العلم: إنه لف وترتيب مشوش، يعني: يختلف عن ترتيب الإجمال، ابن القيم - رحمه الله تعالى- في كتابه طريق الهجرة ذكر الأصناف، ذكر الأصناف الثلاثة، وشرح البرنامج اليومي الذي يسيرون عليه كأنه واحد منهم، فشرح حال المقربين من الاستيقاظ إلى النوم، وشرح حال أصحاب اليمين الذين هم الأبرار من الاستيقاظ إلى النوم، ولما شرح الحال، حال المقربين ذكر أنه لم يشم لهم رائحة، لأن البرنامج الذي ذكره كأنه يحكي طريقته وخطته، هذا ليس بلازم عن أن الإنسان يتحدث عن ما يعرف ويكون مطبق له بحذافيره، قد يكون مقصر ومع ذلك ابن القيم معروف بالعباد، ومعروف بالإخلاص، روائح الإخلاص تشم من ثنايا كلامه، لكن مع ذلك قال: أنه ما شم لهم رائحة ولا شك أن هذا لا سبيل التواضع.

والله ما خوف الذنوب ... وإنها على سبيل العفو والغفران

لكن خوفي أن يزيغ القلب ... عن تحكيم هذا الوحي والقران

طور بواسطة نورين ميديا © 2015