فالنطق بمثل هذا أمره عظيم، ومن يصبر على البلاء، من يصبر على البلاء؟ لو بات ليله وعرق في بدنه تغير عن وضعه الطبيعي يمكن يتمنى الموت من أجله، يتمنى مفارقة الحياة من أجله، أو صداع أو غير ذلك، يعني هناك أمراض في عرف الناس ليست شديدة، بل لا يزار من أبتلي بها كالزكام مثلا، لكن هل الوضع طبيعي مع الزكام؟ فيتغير كل شيء في الحياة، وهو زكام يعني يوم ثلاثة في الغالب ينتهي، فكيف بغيره، لو قطع منك أصبع وذلك النعم الموجودة في أبداننا لا نقدرها، لا يقدرها ألا من فقدها، وفي الحديث الصحيح: ((يصبح على سلاما كل واحد منكم صدقة)) السلاما المفاصل، يحتاج كل مفصل إلى صدقة شكر لهذا النعمة، طيب المفاصل تروح تتحرك على ما يريده الإنسان، طبيعي تتحرك لكن أنت تتصور إن أصبع عندك واحد لا تستطيع أن تثنيه، تعاني من هذا الأصبع من هذا الأصبع مالا يدركه إلا من ابتلي به، لو أن الرجل إذا مددت لا تنفك أو اليد تعبت تعبا شديدا بسببه ولذلك على الإنسان أن يشكر هذه النعم، والله -جل وعلا- يقبل القليل ويثيب عليه، يثيب عليه الثواب الجليل، إلى أن قال: ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) بدقيقتين ما تحتاج إلى أن تكلف نفسك، أو تسبح، وتهلل وتكبر ثلاثمائة وستين هذي أمرها يسير، فعلى الإنسان أن يهتم لهذه الأمور يعني الاستخفاف بهذه العقوبات أمور أهوال يعني ما قرأنا في كلام أهل العلم الشارح من الكتاب والسنة، يعني: في القرآن ما يغني عن غيره، وفي السنة أيضا ما يجعل الإنسان يعش خائفا وجلا، خوف لا يوصله إلى حد اليأس والقنوط بل يبعثه على العمل، لو قرأنا في سير الصالحين من سلف هذا الأمة عرفنا أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف.
النبي - عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل، والواحد منا يقول: إذا ما كان هناك خلود في النار والمآل إلى الجنة لماذا لا نستمتع، هذا كلام لن يصدر عن عقل فضلا عن دين، فإن الإنسان لو وضع يده على شيء في الشمس ما استطاع أن يصبر عليه، - والله المستعان-.