يقول: "والجان هنا وفيما سيأتي بمعنى الجني، والإنس فيهما بمعنى الإنسي" الجان هم الجن، والإنس معروف واحد الجن جني، وواحد الإنس إنسي، وهذا مما يفرق بينه وبين واحده بالياء ياء النسب، يعني عرب عربي، زنج زنجي، يفرق بين الواحد وبين الجمع بالياء، ياء النسب، يقول: "والجان هنا وفيما سيأتي بمعنى الجني، والإنس فيهما بمعنى الإنسي" يقول: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} [(39) سورة الرحمن] يريد أن يقرر أن السؤال ليس للمجموع، سؤال واحد، ما ذنوبكم أيها الإنس، ما ذنوبكم أيها الجن، لا، يسأل كل واحد بعينه، ما ذنبك يا جني، ما ذنبك يا إنسي ما ذنبك يا .. إلى آخره، وهذا الذي دعا المفسر أن يقول: "والجان هنا وفيما سيأتي بمعنى الجني" لأن السؤال فردي ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان)) فالسؤال إفرادي، يخلو الرب -جل وعلا- بعبده ويقرره، ويسأله ويحاسبه، وجاء في الحديث الصحيح: ((من نوقش الحساب عذب)) ((من نوقش الحساب عذب)) قالت عائشة -رضي الله عنها-: "وماذا عن قوله -جل وعلا-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [(8) سورة الإنشقاق]؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ذلكِ العرض))، ((ذلكِ العرض)) يعني ما هو بحساب هو مجرد عرض على الله -جل وعلا- والله -جل وعلا- يعرض على العبد ويقرره ببعض ذنوبه ثم يسترها عليه ويغفرها له، "والإنس فيهما بمعنى الإنسي" {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(40) سورة الرحمن] قال: بعد ذلك: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [(41) سورة الرحمن] يعرف المجرمون بسيماهم: أشكالهم سود الوجوه، زرق العيون، {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [(106) سورة آل عمران] والعيون زرق، وفي غاية البشاعة -نسأل الله السلامة العافية- كما أن غيرهم من المؤمنين المسلمين والمحسنين يعرفون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء، وهنا يقول: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [(41) سورة الرحمن] أي "سواد الوجوه وزرقة العيون" كما أنا المسلمين والمؤمنين يعرفون بسيماهم؛ لأنهم غر محجلون من آثار الوضوء.