{وَخَلَقَ الْجَانَّ} [(15) سورة الرحمن] "أبا الجن وهو إبليس" يعني أصلهم، يعني كما خلق أصل الإنس من الطين من الصلصال خلق الجان يعني أباهم إبليس أو المراد بالجان الجن كلهم فكلهم خلقوا من نار، أو أن أصلهم كما خلق آدم من طين أصل الإنس خلق أصلهم، وهو إبليس من النار، وأما بقيتهم كبقية بني آدم من التوالد، قولان معروفان عند أهل العلم.
{مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} [(15) سورة الرحمن] قالوا: "هو لهبها الخالص من الدخان" {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} [(15) سورة الرحمن] "هو لهبها الخالص من الدخان" أو المارج اللسان الذي يخرج منها من اللهب الذي فيه أكثر من لون، يعني أحياناً يخرج بلون أصفر وأحمر وأخضر من النار، من هذا المارج الذي يسمى مارج يعني مختلط، من أمور كثيرة، و "هو لهبها الخالص من الدخان" {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(16) سورة الرحمن] والآلاء هي النعم، والله -جل وعلا- يقرر عليهم نعمه، ويلزمهم بشكرها، {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(16) سورة الرحمن] يعني هل تنكرون شيء من هذه النعم أو تنسبونها إلى غيري فتكذبون بها؟ لأن المنكر بالكلية هذا معروف، المكذب معروف، من نسب هذه النعمة إلى السبب مثلاً ونسي المسبب كمن قال: مطرنا بنوء كذا هذا أيضاً مكذب ((كافر بالله مؤمن بالكوكب)) كما جاء في الحديث، نعم قد يوجد هناك أسباب تنشأ عنها بعض النعم، لكن المسبب هو الله -جل وعلا-، والأسباب وإن كان لها دور في إيجاد المسبب فهذه الأسباب لولا أن الله -جل وعلا- جعل فيها هذا الأثر ما نفعت، فالأسباب مؤثرة لكنها لا بذاتها، بل بجعل الله -سبحانه وتعالى- الأثر فيها، ولذا قد توجد هذه الأسباب ولا يوجد المسبب لوجود مانع، أو لأمر يريده الله -جل وعلا-، فالأسباب عند أهل السنة لها أثر، لكنها لا تستقل بهذا الأثر، فالمسبب هو الله -جل وعلا- خلافاً للأشعرية الذين يقولون: لا قيمة لها، وجودها مثل عدمها، وخلافاً للمعتزلة الذين يقولون: مؤثرة بذاتها، ومذهب أهل السنة وسط بين المذهبين، {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(16) سورة الرحمن].