{أَمْ لِلْإِنسَانِ} [(24) سورة النجم] أي: جنس الإنسان "لكل إنسان منهم" {مَا تَمَنَّى} "من أن الأصنام تشفع لهم ليس الأمر كذلك"، {أَمْ لِلْإِنسَانِ} [(24) سورة النجم] يقول: "لكل إنسان منهم" مقتضى كون (أل) للجنس، وهذا ما يدل عليه قوله: لكل إنسان أنه منهم ومن غيرهم، أم لكل إنسان منهم ومن غيرهم {مَا تَمَنَّى} "ليس الأمر كذلك"، الإنسان قد يتمنى ولا يحصل له ما تمنى، لكنه قال: أم لكل إنسان منهم يعني من هؤلاء المشركين، ما تمنى من أن الأصنام تشفع لهم، ليس الأمر كذلك.
{فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [(25) سورة النجم] له الآخرة وله أيضاً الأولى التي هي "الدنيا فلا يقع فيهما إلا ما يريده تعالى" لا يقع إلا ما يريده الرب -جل وعلا-، هنا الآخرة والأولى وهناك الأخرى، قال: صفة ذم، الأخرى صفة ذم للثالثة، معنى أنها تفيد أنها متأخرة، والتأخر في الجملة ذم، وما يزال الإنسان يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله، فالتأخر صفة ذم، وهنا قال: {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [(25) سورة النجم] الأولى: هي الدنيا، والآخرة ما بعد الموت، فهل التأخر هنا ممدوح وإلا مذموم؟ هي آخرة باعتبار أنها .. ، باعتبار الزمن نعم، باعتبار الزمن لا باعتبار تأخر الفعل المطلوب، الشوكاني في ديوانه يقول:
قالوا: جئت آخراً ... قلت: جنة الخلد أخرى
يعني التأخر ليس بذم مطلقاً، إنما هو التأخر عما يمدح به الإنسان ذم، وقد يكون في التأخر مما سببه التأني والحلم والأناة مدح بخلاف العجلة، وأما التأخر عن المسابقة وعن المسارعة هذا مذموم، وهنا قال: {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [(25) سورة النجم] "أي: الدنيا فلا يقع فيهما إلا ما يريده الله تعالى" هي لله، ملك لله تعالى، الآخرة والأولى، الدنيا والآخرة وما فيهما، لا يقع فيهما إلا ما يريده الله تعالى.