وهذه صورة زيد، بين الصورة والمصور ما بين الاسم والمسمى، {إِنْ هِيَ} [(23) سورة النجم] "أي: ما المذكورات" {إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا} [(23) سورة النجم] "أي: سميتم بها"، {أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم} [(23) سورة النجم] "أصناماً تعبدونها" سميتم بهذه الأسماء أصنام تعبدونها، {مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ} [(23) سورة النجم] ما أنزل الله بها: يعني: "بعبادتها" من سلطان: من "حجة ولا برهان".

{إِن يَتَّبِعُونَ} [(23) سورة النجم] (إن) هذه هي النافية، معناها (ما) يتبعون في عبادتها إلا .. ، ولذلك صح الاستثناء بعدها؛ لأنها بمعنى (ما)، {إِلَّا الظَّنَّ} [(23) سورة النجم] يعني مثل ما ذكرنا بالأمس {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم] {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [(159) سورة النساء] هذه بمعنى (ما) وليست المخففة من الثقيلة، ليست هي المخففة من الثقيلة، وإنما هي نافية، ولذلك قال: {إِن يَتَّبِعُونَ} [(23) سورة النجم] يعني: "ما يتبعون في عبادتها" {إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ} [(23) سورة النجم] وما تهوى الأنفس: "مما زين لهم الشيطان من أنها تشفع لهم عند الله تعالى"، {وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ} [(23) سورة النجم] الشيطان زين لهم، والنفس الأمارة أيضاً تهوى ما يهواه الشيطان.

وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهمِ

{وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ} [(23) سورة النجم] "مما زين لهم الشيطان من أنها تشفع لهم عند الله تعالى.

{وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [(23) سورة النجم] يعني قامت عليهم الحجة "على لسان النبي -عليه الصلاة والسلام-، بالبرهان القاطع، والدليل الساطع، فلم يرجعوا عما هم عليه"، فلم يرجعوا عما هم عليه يعني: بعد أن بين لهم الصراط المستقيم، ووضح لهم طريق الهداية، اختاروا طريق الغواية، مختارين بطوعهم واختيارهم بإرادتهم ومشيئتهم التي هي في الأصل تابعة لإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته، فلم يجبروا على الكفر، ولم يجبر العاصي على المعصية، إنما وضع فيه من حرية الاختيار ما يختار فيه طريق النجاة أو طريق الهلاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015