{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} منهم من يقول: هذا أمر بالتسبيح حين القيام للصلاة بالاستفتاح ((سبحانك اللهم وبحم، د وتبارك اسمك وتعالى جدك))، وهذا الاستفتاح خطب به عمر -رضي الله عنه- على المنبر كما في صحيح مسلم وهو المرجح عند الإمام أحمد، وإن كان من حيث الثبوت مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- حديث أبي هريرة: ((اللهم باعد بيني وبين خطايا)) هذا أثبت منه في الصحيحين مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، {حِينَ تَقُومُ} من منامك أو من مجلسك" أو إلى الصلاة أو إلى أي شيء يحتمله اللفظ.
{حِينَ تَقُومُ} حين تقوم حذف المتعلق لإرادة التعميم، يعني وأنت جالس قمت وقفت تقول: سبحان الله وبحمده امتثالاً لهذه الآية، واللفظ يشمل فهو أعم من القيام، من النوم، أو من مجلس، أو إلى الصلاة، أو إلى غيره، كل ما يحتمله اللفظ يستحب فيه التسبيح الممزوج بالحمد.
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [(49) سورة الطور] حقيقة أيضاً" أكثر من التسبيح والتنزيه والتحميد لله -جل وعلا- في آناء الليل وأطراف النهار، وعلى هذا المسلم أن يحرص على الأذكار، والذكر فيه فوائد عظيمة ذكر ابن القيم في مقدمة "الوابل الصيب" ما يناهز المائة منها، فوائد عظيمة عظيمة لو لم يكن منها إلا واحدة لكفت، والذكر لا يكلف شيئاً يعني مجرد اللسان لا تحتاج أن تتوضأ لتذكر الله، لا تحتاج إلى أن تشعل المصابيح لتذكر الله، تذكر الله على كل حال {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(190 - 191) سورة آل عمران]، فالذكر من أعظم ما يحي الألباب التي هي القلوب، لكن ينبغي أن يكون الذكر مما يتواطأ فيه القلب مع اللسان، أما إذا كان بمجرد اللسان فهذا تترتب عليه الحسنات والأجور والحفظ الذي رتب عليه من قال كذا فله كذا، يصح عنه أنه قال فيثبت له الأجر إن شاء الله تعالى، وأما ما ينفع القلب من هذا الذكر فإنه لا يترتب إلا مع استحضاره بقلبه.