ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طبقات المكلفين، في آخر، في طبقات الناس، في آخر طريق الهجرتين بحث المسألة بحثاً جيد، فمنهم من يقول: إن أولاد الكفار كالمجانين وأهل الفترة الذين لم يبلغهم دعوة هؤلاء يمتحنون، يمتحنون، وعلى كل حال الخبر يسوقه المفسرون لا على أنه جزم بأنهم في النار، وإنما ليبينوا أن أولاد المؤمنين والمسلمين قد جاء فيهم ما يدل على أنهم في الجنة على سبيل الاستقلال، والمفسرون لا يعتنون بصحة الأخبار بدقة، وإنما يجمعون فيها ما يقفون عليه، والخبر مثلما ذكر أهل العلم ضعيف، وفيه محمد بن عثمان هذا قال: قالوا عنه: إنه مجهول، المجهول كما هو مقرر عند أهل العلم في مسألة الجهالة هل هي جرح في الراوي أو عدم علم بحاله؟ هل هي جرح في الراوي فيضعف الخبر بسببه، أو هي عدم علم بحال الراوي فيتوقف فيه حتى يعلم حاله؟ وأهل الحديث حينما رتبوا مراتب وألفاظ الجرح والتعديل، وجعلوا الجهالة في مراتب الجرح هذا يدل على أن الخبر يضعف بسبب هذا المجهول، وأبو حاتم كثيراً ما يقول: فلان مجهول -أي لا أعرفه- وهذا لا يقتضي القدح؛ لأنه إن لم يعرفه قد يعرفه غيره، وابن حجر في النخبة قال: ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحاً أو جهالة، فجعل الجهالة قسيم للجرح وليست قسماً منه، وعلى كل حال مثل ما ذكرنا أولاد الكفار جاء فيهم أحاديث، منهم ما يدل على أنهم هم مع أهليهم، ومنها ما يدل على التوقف الله أعلم بما كانوا عاملين، ومنها ما يدل على أنهم يمتحنون، ومنها ما يدل على أنهم خدم أهل الجنة، المقصود أن مثل هذه المسألة إذا ذكرت في كتب التفسير فإنهم لا يريدون تقرير هذه المسألة بعينها، وإنما يأتون بها للدلالة على ضدها.
يقول: ذكر الله -عز وجل- في كتابه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [(21) سورة الحديد]، وذكر أيضاً {وَسَارِعُواْ} [(133) سورة آل عمران]، فما الفرق بين المسابقة والمسارعة؟