{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [(35) سورة الطور] خلقوا من عدم، من غير شيء لا خالق لهم أم هم الخالقون لأنفسهم، هذه الآية وما بعدها هي التي أثرت في جبير بن مطعم وكاد قلبه يطير منها، {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} من غير خالق"، هل يتوقع أن شيئاً يتصرف بنفسه من غير أن يتصرف فيه غيره؟ لو افترضنا أن سفينة باخرة ليس لها قائد هي بنفسها تحمل البضائع، وتقود نفسها من قطر إلى قطر هل يتصور مثل هذا؟ العالم كله بمنزلة هذه السفينة، ما يمكن أن تقود نفسها بل لا بد لها من قائد يقودها ويسيرها.

{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} أم هم الخالقون لأنفسهم؟ "، يعني هل يتصور أن إنساناً كان معدوماً ثم أوجد نفسه، أو وجد من غير خالق؟ يعني ما أوجده أحد، وجد فجأة كذا، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لأنفسهم"؟ لا هذا ولا هذا، "ولا يعقل مخلوق بغير خالق ولا معدوم يخلق، لا مخلوق بغير خالق ولا معدوم يخلق"، لو أن إنساناً جالساً من هؤلاء فجاء أخر فضربه على ظهره -ولا في غيره ما في واحد ثالث- التفت فإذا به هذا، فقال: لماذا ضربتني؟ قال: ما ضربتك! يصدق وإلا ما يصدق، ضربة من غير ضارب يا أخي أنت تقول مخلوق من غير خالق هذه ضربة من غير ضارب، يصدق وإلا ما يصدق؟ ما يصدق يعني نظير قول الجبرية، حينما قالوا: إن الإنسان ما يتصرف ولا يؤاخذ على أفعاله؛ لأن مؤاخذته وهو مجبور ظلم، يعني لو ضربهم أحد وقال: أنا ما أتصرف ما ضربتك لا بالغ في مؤاخذته وأعده مجنون بهذا، إذا أنت كيف تفعل المعاصي، وتقول: أنا ما تصرفت، أنا مسير لست بمخير؟ لا مخير يا أخي، فأنت في تصرفاتك نظير تصرف هذا الذي ضربك، لك حرية واختيار ويؤاخذ على فعله، وأنت لك حرية واختيار ومؤاخذ على فعلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015