{بَيْتِ الْمَعْمُورِ} العمارة لا تكون بالأجر والجص والطين والألوان والزخرفة، إنما تكون بالعبادة هذه هي العمارة الحقيقة، {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [(18) سورة التوبة] وإذا كانت المسألة مسألة عمارة وتشييد لا عمارة حقيقية معنوية، جاء قول الله -جل وعلا- {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِر} [(19) سورة التوبة]، ومن مسائل الجاهلية التي ذكرها الإمام المجدد، من مسائل الجاهلية التمدح بعمارة المسجد الحرام، عمارة المسجد الحرام المقصود بها العمارة الحسية: بالطين، أو بالآجر، أو بالمسلح، أو بغيرها إذا كانت في مقابل الإيمان، أما إذا كانت مع الإيمان فمن أفضل الأعمال ((من بنى لله بيتاً ولو كمفحص قطاة، بنى الله له بيتاً في الجنة))؛ لأن هذه الآية يوردها من يوردها من بعض الناس الذين لا يرون لعمارة البيت المعظم قيمة، وأن من تمدح بعمارته، أو أثنى على عامره يريدون عليه {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ} نقول: إذا كانت مع الإيمان فهي من أفضل الأعمال، لكن الشأن في تمدح قريش في مقابل الإيمان، نعم في مقابل الإيمان لا شيء، فالعمارة الحقيقية هي العمارة بالعبادة -العمارة المعنوية-، فإذا اجتمعت العمارتان فنور على نور؛ لأن عمارة بيوت الله -جل وعلا- جاءت النصوص القطعية بفضلها ((من بنى لله بيتاً ولو كمفحص قطاة -لو شبر- بنى الله له بيتاً في الجنة)) فننتبه لمثل هذا؛ لأن الآية تورد في حق من يعمر بيت الله -جل وعلا- وهو ليس من الصنف الذي جاء ذمه في القرآن، الذم في القرآن إنما جاء للمشركين الذين يتمحدون بعمارة البيت وهم أبعد الناس عن العمارة الحقيقية.