{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [(59) سورة الذاريات] ظلموا أنفسهم بالكفر من أهل مكة وغيرهم" والظلم يطلق على أشياء منها: ما هو أعظم الظلم وهو الشرك {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] قال: الشرك، ومنه الظلم ظلم الإنسان لنفسه وظلم الإنسان لغيره بالعظائم والكبائر والموبقات والصغائر أيضاً كله ظلم للنفس {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} [(32) سورة فاطر] ظالم لنفسه بالمعاصي سواءً كانت كبيرة كالشرك فما دونه إلى صغائر الذنوب.
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [(59) سورة الذاريات] أنفسهم بالكفر من أهل مكة وغيرهم" يعني ليس هذا خاص بأهل مكة " {ذَنُوبًا} [(59) سورة الذاريات] نصيباً من العذاب" أصل ذنوب الدلو المملوء ماءاً، الذنوب الدلو الكبيرة المملوءة ماءاً، نصباً من العذاب مثل ذنوب نصيب أصحابهم، طيب النصيب عبر عنه بالذنوب؛ لأن القوم الذين يردون الموارد من المياه إنما يكون نصيبهم بالدلو يؤخذ من البئر بالدلو ويعطى هؤلاء نصيبهم، ويؤخذ بالدلو ويعطى هؤلاء نصيبهم يستقى يمتح بالدلو ومن البئر ويعطى هؤلاء نصيبهم، يعني الأعلى يسمى ماتح، الذي يزعب من الأعلى في أعلى البئر يسمى ماتح، والذي في أسفل البئر يملأ هذه الذنوب أو هذا الدلو يسمى مايح بالياء، لأنهم يقولون: الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، التاء نقطتان فوق، والياء نقطتان من تحت، وهنا يقولون: الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، كما قالوا في دَجاجة ودِجاجة بالكسر قالوا: المفتوحة للذكر، والمكسورة للمؤنث، يعني هذا من الطرائف التي يذكرونها.
الأصل في قسمة نصيب الناس من الماء الذي به الحياة إنما يكون بالذنوب، فعبر بالنصيب بآلته التي يستخرج بها، الذي هو الذنوب، هؤلاء لهم ذنوب وهؤلاء لهم ذنوب، وذاك من الماء وهذا من العذاب.