{وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [(6) سورة الذاريات] وإن الدين "الجزاء بعد الحساب" أو هو الحساب نفسه، إما أن يقال: إن الدين محاسبة المكلفين "لواقع لا محالة" لا بد من الحساب، لا بد من نصب الموازين، لا بد من القصاص، لا بد من المحاسبة، لكن كما جاء في الحديث الصحيح ((من نوقش الحساب عذب)) والحساب لا بد منه، وإن الدين الجزاء والحساب لا بد منه، لواقع يعني لا محالة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من نوقش الحساب عذب)) كيف يكون الحساب واقع لا محالة والرسول يقول: ((من نوقش الحساب عذب))؟ كيف؟ أولاً: استشكلت عائشة -رضي الله عنها- الحديث، وقالت للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "ماذا عن قول الله -جل وعلا-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [(8) سورة الإنشقاق] وأنت تقول: ((من نوقش الحساب عذب))؟ فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الآية .. ، الحساب في الآية معناه العرض، قال: ((ذلك العرض)) وليست المناقشة الدقيقة، والمحاسبة بالجرائم بدقة، وقد يقرر الإنسان، ويناقش مناقشة من أجل إظهار فضل الله عليه، ألم تفعل يوم كذا كذا؟ ألم تفعل كذا؟ ثم بعد ذلك يخاف خوفاً شديداً أن تحيط به هذه الأعمال، فيقول الله -جل وعلا-: ((أنا سترتها عليك في الدنيا، وأغفرها لك الآن)) فالحساب لا شك أنه لا بد من وقعه، يعني جنس الحساب واقع، والموازين والمقاصة لا بد منها، ونتيجة الحساب إما رجحان الحسنات فالمآل إلى الجنة أو رجحان السيئات فإلى الأخرى، أو التكافؤ، وبعض الناس يحاسب ويدقق عليه الحساب ويناقش، وحينئذٍ يهلك يعذب؛ لأن أعماله مهما بلغت فإنها لن تفي بنعمة واحدة من نعم الله -جل وعلا-، ومن الناس من يخفف عليه الحساب، وهؤلاء في الغالب هم الذين يحاسبون أنفسهم في الدنيا ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [(18) سورة الحشر] فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، وإذا حاسب نفسه لا شك أنه ينتفع فائدة عظيمة من هذا الحساب؛ لأنه لن تخرج نتيجته في الحساب سيئة أو رديئة ثم يعود إلى ما فعل بالأمس، يعني إذا أوى إلى فراشه وبدأ بالحساب منذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015