أما بالنسبة لعد الحروف فهو من الترف، ولا يعرف عند المتقدمين البتة، عد الحروف، حتى وجد من يعدها وإن كان القصد من عدد الحروف معرفة كم في هذه السورة من حرف لنعرف كم فيها من حسنة فالله -جل وعلا- لن يضيع أجر من أحسن عملاً، إذا أحسنت العمل فاضمن، وإن كان القصد منه مجرد أن هذه السورة تبلغ كذا أو تبلغ كذا فهذا لا قيمة له، وليس من اهتمامات السلف، بل السلف يهتمون بالغايات أكثر، والآن العد يعني السلف حينما يختلفون في مسند الإمام أحمد هل هو أربعين ألف أو ثلاثين ألف؟ يعني مو بالخلاف في عشرة أحاديث عشرين حديث مائة حديث، يدل على أنهم ما عدوا جزاف، تقريباً، وصحيح مسلم قالوا: سبعة آلاف وخمسمائة حديث، وقال: أحمد بن سلمة اثنا عشر ألف حديث، يعني الفرق كبير جداً، مما يدل على أنهم لا يعدون، ذكروا بالنسبة لتفسير الجلالين أن طالب علم من طلاب العلم باليمن أشكل عليه هل يقرأ في التفسير بطهارة وإلا ما يحتاج إلى طهارة؟ هل يحتاج أن يتوضأ ليقرأ في تفسير الجلالين أو لا يحتاج؟ والمقرر أن الحكم للغالب، والمقرر أن الحكم للغالب، فقال: ما ندري ما الغالب؟ التفسير مختصر، ما ندري هل الأكثر القرآن أو الأكثر التفسير؟ فعد حروف القرآن وحروف التفسير، قال: من أول القرآن إلى المزمل العدد واحد، ومن المزمل إلى آخر القرآن زاد عدد حروف التفسير فانحلت عنده المشكلة فصار يقرأ في تفسير الجلالين دون وضوء، هذا ما يمكن أن يصنعه شخص حريص على الوقت، ما يمكن، قد يقول قائل: إن الترقيم والعدد هذا مهم جداً، يعني مسند الإمام أحمد بدون ترقيم يصعب ضبطه والرجوع إليه، لكن لما رقم هان، كذلك كتب السنة كلها لما رقمت سهل الرجوع إليها، فلماذا ما اهتم السلف من القدم في ترقيم هذه الكتب ليسهل الرجوع إليها، أولاً السلف لا يهتمون بما يعين طالب العلم على الرجوع أبداً، ما يضعون وسائل تسهل على طالب العلم الرجوع إلى الكتب؛ لأن هذا يجزمون بأنه يصرف طالب العلم عن قراءة هذه الكتب، إذا أراد شيئاً رجع إليه مباشرة بواسطة الفهرس ما استفاد فائدة كبرى من الكتاب، همهم أن يقرأ الكتاب، وإذا احتاج طالب العلم مسألة من هذا الكتاب يقرأ حتى يقف على هذه المسألة