في هذه السورة يقول جلال الدين المحلي؛ لأنها من نصيبه في النصف الثاني، يقول: "سورة الذاريات مكية ستون آية" مكية ستون آية، بيان السورة من حيث مكان النزول وهل هي مكية أو مدنية؟ هذا مهم في معرفة المتقدم والمتأخر ليعلم الناسخ من المنسوخ، ولذلك أهل العلم يفصلون في هذا إذ يقولون: السورة مكية، وإذا كان هناك استثناء في بعض الآيات ذكروه إلا آية كذا وكذا، من أجل معرفة أن هذه السورة نزلت بمكة، أو على الاصطلاح الصحيح نزلت قبل الهجرة، وإذا قالوا: مدنية فمعناها أنها نزلت بعد الهجرة، والمتقدم ما نزل قبل الهجرة إذا تعارض مع ما نزل بعد الهجرة يحكم عليه، إذا لم يمكن الجمع بوجه من الوجوه المعروفة عند أهل العلم يحكم عليه بأنه منسوخ.

"ستون آية" يعني الاهتمام بعد الآي لا شك أنه محل عناية من أهل العلم، ويعدون الآيات، ويكتفون بعد الآيات ثم زاد الأمر حتى عدوا الحروف، حروف القرآن، كل سورة يعدون حروفها، وهذا موجود في بعض التفاسير، ما الذي نستفيده من عد الآيات؟ القرآن محفوظ بين الدفتين، تكفل الله بحفظه؛ لئلا يقال مثلاً: هذه السورة ستين آية فلماذا زادت هنا واحد وستين أو اثنين وستين؟ على كل حال بيان العدد يستفاد منه معرفة هذه السورة عند مذهب من عد الذي هو المفسر، نعم السورة عند الكوفيين كذا، السورة على عدد البصريين كذا، نعم، اختلاف العدد قد تزيد آية وقد تنقص آية لا لنقص أو زيادة في القرآن في الآيات أبداً، الكلمات ما تتغير يعني من مصحف إلى آخر، ومعول الجميع على المصاحف التي بعثها عثمان إلى الأمصار، إنما اختلافهم في عد البسملة مثلاً هل هي آية أو ليست بآية، فمن يعدها يزيد آية، ومن لا يعدها ينقص آية، هذا لا أثر له في الواقع، أيضاً بعض الآيات على عد بعض الجهات تقسم، كما في الفاتحة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} [(7) سورة الفاتحة] آية {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آية، فيختلفون في موضع نهاية الآية ورأس الآية، ولا شك أن هذا مما يعنى به طالب العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015