يقول: {فَحَقَّ وَعِيدِ} [(14) سورة ق] أي: "وجب نزول العذاب على الجميع، فلا يضيق صدرك من كفر قريش بك" لا يضيق صدرك من كفر قريش بك، وفي هذا تسلية للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان -عليه الصلاة والسلام- يعني الأرجح عنده والمفضل عنده أن يستجيبوا له، وينجون بسببه، لكن الذي يخالف مع الإصرار والعناد يتحمل، الذمة برئت من تبليغه، وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله -جل وعلا-: أولاً: يجب أن يكونوا على بصيرة من أمرهم، وأن يقتدوا بنبيهم -عليه الصلاة والسلام-، وما عليهم بعد ذلك إلا البلاغ، مع أنك تدعو وتدعو وتدعو لا ترى مستجيب لا يعني أن هذا خلل فيك أو في دعوتك، وإنما النتائج بيد الله -جل وعلا- القلوب بيده -سبحانه وتعالى-، أنت عليك أن تبذل السبب تأمر وتنهى وتدعو إن استجاب المدعو وإلا فالأمر ليس إليك، ليس لك من الأمر شيء، هذه قيلت لأشرف الخلق، فلا يضيق صدرك بمثل هذا، نعم، ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) لكن لا يعني أنك تحترق أو تبخع نفسك أو تقتل نفسك إذا لم يستجب لك أحد، أنت أجرك ثابت، وكما يقال: العقوبة على المخالف، النتائج بيد الله -جل وعلا-، ومن نعم الله -جل وعلا- أن رتب الأجر على بذل السبب، لا على النتيجة.
وبعض الكتاب المعاصرين مع الأسف أن كتبهم تتداول في المكتبات يقول: إن نوحاً فشل في دعوته، يعني ألف سنة إلا خمسين عام ما استجاب إلا نفر يسير، ما استطاع أن يؤثر على ولده ولا على زوجته، دعوته فاشلة، مثل هذا يقال في حق نبي؟ في حق رسول؟!