يقول: "كيف بنيناها بلا عمد" كيف بنيناها بلا عمد، يعني لو أن إنساناً أراد أن يبني سقفاً عشرة في عشرة اضطر أن يضع عمود، أو يضع احتياطات كبيرة جداً؛ لئلا يسقط السقف، فكيف إذا زادت المسافة عن هذا؟ فكيف بالسماوات التي خلقت بلا عمد؟ الله -جل وعلا- يقول: {اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(2) سورة الرعد] بغير عمد ترونها، الجملة وصف للعمد، فهل لهذه الجملة مفهوم أو ليس لها مفهوم؟ لها مفهوم وإلا لا مفهوم لها؟ نعم؟ يعني هل مفهومهما معتبر أو مفهومها ملغى؟ وما الفرق بينهما؟ خلق السماوات بغير عمد ترونها، إذا قلنا: لا مفهوم له قلنا: ليس لها عمد أصلاً، إذا قلنا: إن الجملة لا مفهوم لها، وألغينا المفهوم، وقد يلغى المفهوم لا سيما إذا عورض بما هو أقوى منه كالمنطوق، فهل يوجد ما يعارض هذا المفهوم؟ هل نقول: إن القدرة لا تتم إلا إذا كانت بغير عمد؛ لنقول: إن هذا معارض فنلغي المفهوم؟ أو نقول: المفهوم معتبر وأن السماوات على عمد لكنها لا ترى؟ نعم يا الإخوان هل نقول: إن السماوات بغير عمد وقوله: لا ترونها هذا لا مفهوم له والتعبير صادق على أنها ليس لها عمد أصلاً؟ أو نقول: إن لها عمد ومفهوم الجملة معتبر لكن هذه العمد لا ترى؟ وأيهما أدخل في القدرة وأقوى أن تبنى بغير عمد أو تبنى بعمد لا ترى؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نحتاج إلى أن نقول: لا ترى، إذا قلنا: بدون عمد ما في عمد من أجل أن ترى أو لا ترى، فما الداعي ما الحاجة إلى قوله: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(2) سورة الرعد]؟ بغير عمد ترونها المفهوم ملغى، إذن هي ليست على عمد أصلاً، قبة على الأرضين بغير عمد، ولا شك أن في هذا ما فيه من بيان عظمة الخالق -جل وعلا-، لكن إذا قال: إنها بغير عمد ترونها المفهوم معتبر وهي مبنية على عمد لكنها لا ترى، أليس هذا من أعجب العجب أن يوجد عمد تحمل هذه السماوات، هذه الأجرام العظيمة ولا ترى بالعين المجردة؟ هذا أيضاً فيه بيان عظمة، يعني هناك يستطيع بعض المهرة أن يبنوا على أشياء، أو يصورا أشياء مخفية، لكن هل يمكن أن يجعلوا عمد مخفية؟ ما يمكن أن يوجد عمد مخفية، في قدرة البشر لا يمكن.