بدل كل من كل إذا نظرنا إلى الآية من غير تفسيرها، أو إذا فسرنا الآية بأن المغضوب عليهم هم اليهود، ومن شابههم، والضالين النصارى ومن شابههم، فيدخل فيهم من غضب عليهم ممن ينتسب إلى الإسلام وغيرهم من طوائف الزيغ، قالوا: هو مشكل، إذا قلنا: بدل كل من كل، غير المغضوب عليهم بدل من الذين أنعمت عليهم، وقيل: نعت وهو مشكل، (غير) مجرورة نعت للذين، وهو مشكل لماذا؟ لأن (غير) نكرة، و (الذين) معرفة، طيب (غير) مضاف و (المغضوب عليهم) مضاف إليه، كيف صارت نكرة؟ الإضافة لفظية لا تفيد التعريف فـ (الذين) الموصولات من المعارف، و (غير المغضوب) إضافتها لفظية فلا تفيد التعريف، فكيف يوصف المعرفة بنكرة؟ أجيب عن هذا بجوابين: أحدهما: أن (غير) إنما تكون نكرة إذا لم تقع بين ضدين، أحدهما: أن (غير) إنما تكون نكرة إذا لم تقع بين ضدين، فأما إذا وقعت بين ضدين فقد انحصرت الغيرية، فتتعرف حينئذٍ بالإضافة كما تقول: الحركة غير السكون، والثاني: وهو أن الموصول أشبه بالنكرات في الإبهام الذي فيه، فعومل معاملة النكرات، الموصول فيه شمول، وفيه عموم، ولذا من صيغ العموم الموصولات، فهي من حيث عمومها وعدم تخصيصها تشبه النكرة، فجاز وصفها بالنكرة لقربها منها، والمراد بالمنعم عليهم المذكورون في قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] الآن نحن مأمورون بأن نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا صراط الذين أنعم الله عليهم، ومن هؤلاء المنعم عليهم ما جاء في سورة النساء: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} [(69) سورة النساء] لأن الترتيب على طريق التدني من الأعلى إلى الأدنى، النبيين يليهم الصديقون، يليهم الشهداء، يليهم الصالحون، بهذا استدل على صحة إمامة أبي بكر -رضي الله عنه-، لماذا؟ لأنه من الصديقين، أبو بكر صديق بالنص، ونحن مأمورون بأن نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا طريق