قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ص 471 / من المجلد السادس عشر من مجموع الفتاوى لابن قاسم): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية؛ أخذوا من هؤلاء كلامًا صحيحًا ومن هؤلاء أصولًا عقليةً ظنوها صحيحة وهي فاسدة). اهـ.
المرحلة الثالثة: مرحلة اعتناق مذهب أهل السنة والحديث الذين إمامهم الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - كما قرره في كتابه (الإبانة عن أصول الديانة) وهو من آخر كتبه أو آخرها.
قال في مقدمته: (جاءنا - يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابٍ عزيزٍ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلْفِهِ، تنزيل من حكيم حميد، جَمَعَ فيه عِلْمَ الأولين، وأكمل به الفرائض والدين، وهو صراط الله المستقيم، وحبله المتين، مَنْ تَمَسَّكَ به نَجَا، ومن خالفه ضَلَّ وغوى وفي الجهل تَرَدَّى، وَحَثَّ اللهُ في كتابه على التمسك بسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عز وجل: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " [الحشر: 7]. إلى أن قال: فأمرهم بطاعة رسوله كما أمرهم بطاعته، ودعاهم إلى التمسك بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما أمرهم بالعمل بكتابه، فنبذ كثير ممن غلبت شقوته، واستحوذ عليهم الشيطان، سنن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وراء ظهورهم، وعدلوا إلى أسلاف لهم قلدوهم بدينهم ودانوا بديانتهم، وأبطلوا سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفضوها وأنكروها وجحدوها افتراءً منهم على الله " قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ " [الأنعام: 140].
ثم ذكر - رحمه الله - أصولًا من أصول المبتدعة، وأشار إلى بطلانها ثم قال: (فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والجهمية، والحرورية، والرافضة، والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون؟