والجواب عن السؤال الثاني
أن أبا الحسن الأشعري وغيره من أئمة المسلمين لا يَدَّعُونَ لأنفسهم العصمةَ من الخطأ؛ بل لم ينالوا الإمامة في الدين إلا حين عرفوا قدر أنفسهم وَنَزَّلُوهَا منزلتها، وكان في قلوبهم من تعظيم الكتاب والسنة ما استحقوا به أن يكونوا أئمة، قال الله تعالى: " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ " [السجدة: 24]، وقال عن إبراهيم: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [النحل: 120 - 121].
ثم إنَّ هؤلاء المتأخرين الذين ينتسبون إليه لم يقتدوا به الاقتداءَ الذي ينبغي أن يكونوا عليه؛ وذلك أَنَّ أبا الحسن كان له مراحل ثلاث في العقيدة:
المرحلة الأولى: مرحلة الاعتزال: اعتنق مذهب المعتزلة أربعين عامًا يقرره ويناظر عليه، ثم رجع عنه وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم (?).
المرحلة الثانية: مرحلة بين الاعتزال المحض والسُّنَّةِ المحضةِ سلك فيها طريق أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب (?).