قال المصنف رحمه الله: [ويشترط لعدم الصحة خمسة شروط: أن يحضر البدوي لبيع سلعته بسعر يومها، جاهلاً سعرها، ويقصده الحاضر، وبالناس حاجة إليها.
وإنما اشترط ذلك لأن النهي معلل بالضرر الحاصل من الضيق على أهل المصر، وإغلاء أسعارها، ولهذا قال عليه السلام: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض).
ولا يحصل الضرر إلا باجتماع الشروط الخمسة أحدها: أن يحضر البادي لبيع سلعته]، أي: أنه جاء ليبيعها لا ليهديها.
قال المصنف رحمه الله: [فأما إن جاء بها ليأكلها أو يخزنها أو يهديها فليس في بيع الحاضر له تضييق بل فيه توسعة]، أي: أنه إن جاء بها ليخزّنها ثم أخذها الحاضر وتولى بيعها بدلاً منه فهاهنا توسعة ولا يوجد تضييق، فالسلعة لم تكن في النية أن تباع فحوّلها إلى بيع.
قال المصنف رحمه الله: [الثاني: أن يحضر ليبيعها بسعر يومها، فإن أحضرها وفي نفسه ألا يبيعها رخيصة فليس في بيعه له تضييق].
فإن نوى البادي أن يبيعها بسعر أعلى من سعر يومها فلا تضييق.
قال المصنف رحمه الله: [الثالث: أن يقصده الحاضر، فإن كان هو القاصد للحاضر جاز؛ لأن التضييق حصل منه لا من الحاضر، فأشبه ما لو امتنع هو من بيعها إلا بسعر غال الرابع: أن يكون جاهلاً بسعرها، فإن كان عالماً بسعرها لم تحصل التوسعة بتركه بيعها؛ لأن الظاهر أنه لا يبيعها إلا بسعرها].
أي: أنه إن كان عالماً بالسعر فالحاصل أنه لن يبيع إلا بالسعر، وأما إن كان جاهلاً فسيدخل السوق وهو جاهل، فيترتب على ذلك أن يخفض السعر، فإن خفض السعر عادت الأسعار إلى الانخفاض.
قال المصنف رحمه الله: [الخامس: أن يكون بالناس حاجة إلى سلعته كالأقوات ونحوها؛ لأن ذلك هو الذي يعم الضرر بغلو سعره].
أي: أن تكون السلعة من القوت، لا أن تكون سيارة، أو ثلاجة، أو مكيفاً، فهذه ليست من القوت، فلا بد أن تكون السلعة مما يقتاته الناس، والنهي عام لمصلحة المسلمين، فالنهي عن أن يبيع حاضر لباد ليتحقق انخفاض السلعة، فكل ما يدعو إلى الانخفاض فنحن معه، فإن ترتب على ذلك الارتفاع فلا يجوز.