قال الشارح: [وأما المبيت بمزدلفة فواجب لما في حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح حين تبين له الصبح)، يعني: بمزدلفة، وفي حديث ابن مسعود: (صلى الفجر حين طلع الفجر)، وهذا دليل على أنه بات بها، وقد قال: (خذوا عني مناسككم).
فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم؛ لأنه لم يبت، وإن دفع بعد نصف الليل فلا شيء عليه؛ لأنه يكون قد بات؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس في ترك المبيت بمزدلفة لأجل سقايته وللرعاة من أجل رعايتهم، وذلك دليل على وجوبه على غيرهم؛ لكونه سقط عن هؤلاء رخصة].
قال الشارح: [وعنه] يعني: رواية أخرى عن أحمد [أن المبيت غير واجب ولا شيء على تاركه]، ولكن المذهب الأول هو الراجح، وهذا الواجب يتركه غالب حجاج مصر للأسف، فيأتون من عرفة مباشرة إلى منى، ولا يبيتون في مزدلفة، الغالب يترك هذا الأمر وبذلك يكون قد ترك واجباً، ويقول: لي عذر فالمطوف هو الذي ذهب بنا إلى منى، فأقول: يا عبد الله! لا تجعل المطوف يقودك في ركن من أركان هذا الدين، اترك المطوف وانزل في المزدلفة وبت فيها ثم توجه إلى منى في المخيم، ويجوز أن يدفع من المزدلفة بعد نصف الليل أصحاب الأعذار إن كان معهم نساء، فهم في حكم الصحبة والمرافق لهم يأخذ نفس الحكم، إنما النبي صلى الله عليه وسلم بات في مزدلفة حتى أسفر جداً وصلى بها الفجر.