قال: [ويدخل المسجد من باب بني شيبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل منه]، أي: هل يستحب لمن دخل المسجد الحرام أن يدخل من باب بني شيبة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام دخل منه، ومعلوم أن المسجد الحرام له أكثر من باب: باب السلام، وباب العمرة، وباب الملك فهد، وباب الملك عبد العزيز، إلى غير ذلك من الأبواب.
قال: [وفي حديث جابر الذي رواه مسلم وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عند ارتفاع الضحى، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة ودخل المسجد)].
أيضاً هل نستطيع أن نقول: إن من أراد أن يدخل مكة فليدخلها في الضحى، أم أن النبي عليه الصلاة والسلام قد وافق الضحى عند دخوله مكة؟ إن من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ما يعد تشريعاً، ومنها ما يعد عادة، فإذا ندب النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه إلى فعل معين فهو للاستحباب، ثم هل الصحابة والسلف كانوا يدخلون مكة من أعلاها، ويدخلون المسجد الحرام من باب بني شيبة، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ إن الضابط أن يفعله الصحابة على أنه سنة؛ لأنهم يتأسون بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يُنظر في هذا الفعل، هل كان هذا الفعل على سبيل الاستحباب فعلاً، أم لا؟ فإن كان على سبيل الاستحباب فهو مستحب، وإن كان عادة فهو العاديات التي لا يُستحب للإنسان الإتيان بها، كحادثة تأبير النخل لما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثم قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، أي أن هذا ليس على سبيل التشريع.